الحمد لله المنفرد بالخلق والتدبير ، الولحد في الحكم والتقدير ، الملك الذى ليس له في ملكه وزير ، العالك الذي لا يخرج عن ملكه صغير ولا كبير ، المنقدم في كمال وصفه عن الشبيه والنظير ، العليع الذي لا يخفى عليه خافى الضعير ، ألا يعلع من خلق وهو اللطيف الخبير ، العالم الذي لحاط بعبادي الأمور ونهاياها ، السميع الذي لا فضل في سمعه بين جهر الأصوات وإخفاتها ، الرازق وهو المنعم على الخليقه بإيصال أقواتها (1) ، وهو القيوم المتكفل بها في جميع حالاتها ، الواهب وهو الذي من على النفوس بوجود حياتها ، القدير وهو المعيد لها بعد وجود وفاتها ، الحسيب وهو المجازى لها يوم قدومها عليه بحسناتها وسيئاتها ، سبحانه من إله من على العباد بالجود قبل الوجود ، وقام لهم بأرزاقهم على كلتا حالاتهم من إقرار وجحود(2) ، أمد كل موجود بوجود عطانه ، وحفظ وجود العالع بامداد إبقائه(3) وظهر بحكمته في أرضه، وبفدرته في سمأه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد مفوض لقضائه مسنسلع في حكمه وإمضائه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، المفضل على جميع أنبيانه ، المخصوص بجزيل فضله وعطانه، الفاتح الغاتم ، وليس ذلك لسوانه ، الشافع في كل العباد حين يجمعهم الحق لفصل قضانه، صلى الله عليه وعلى أله وصحبه المسنمسكين بو لائه وسلم كثيرا.
12 اعلم أخى جعلك الله من أهل حبه، وأتحفك بوجود قربه، واذاقك من شراب أهل وده، وأمنك بدوام وصلته من إعراضه وصده، ووصلك بعباده الذين خصهع بمر اسلانه وجبر كسر قلوبهم لما علموا لنه لا ندركه الأبصار بأنوار تهلياتها وفنح رياض الفرب وأهب منها على قلوبهم واردات نفحانه، أشهدهع سابق ندبيره فيهع فسلموا إليه القياد ، وكشف عن خفى لطفه في صنعه فخرجوا عن المنازعة والعناد، فهم مسنسملون إليه ومتوكلون في كل الأمور عليه علما منهم أنه لا يصل عبد إلى الرضا إلا بالرضا ، ولا يبلغ إلى صريح العبودية إلا بالاستسلاع إلى القضاء؛ فلم نتطرقهم الأغيار ولع ترد عليهع الأكدار كما قال فائلهم : لا تهتدى نوب الزمان إليهم ولهم على الغطب الشديد لجلما نجرى عليهم أحكامه وهم لجلاله حامدون ولحكمه مستسلمون كما قال: تجري علي صروفه 5 وهموم سرك مطرقه( وإن من طلب الوصول إلى الله فحفيق عليه أن يأنى الأمر من بابه ، وأن يتوصل إليه بوجود أسبابه ، وأهم ما ينبغى لك الخروج عنه والتطهير منه : وجود الندبير ومناز عة المقادير، فصنفت هذا الكناب مبينا لذلك ومظهرا لما هنالك ، وسمينته «التنوير في إسقاط التدبير" ؛ ليكون اسمه موافقا مسماه ، ولفظه طباق معناه ، وأسل الله أن يجعله لوجهه الكريع ، وأن بنقبله بفضله العميم ، وأن ينفع به الخاص والعام بعحمد عليه السلع ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدلير 12 يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليعا) [النساء:65]، وقال سبحانه: قل الله نعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم شم ل (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الغيرة سنبعان الله وتعالى عما يشركون) [القصص :68]، وقال سبحانه: (أم للإنسان ما تعنى فله الآخرة ل ل صلم : «ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبي1) وفال صلم : «اعبد الله بالرضا، فإن لع تستطع ففى الصبر على ما تكره غير كثير» (2) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على نرك الندبير ومنازعة المقادير إما نصما صريحا وإما إشارة ونثويحا ، وقد قال أهل المعرفة : من لع يدبر ذبر له ، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى - رضى الله عنها إن كان ولابد من التدبير فدبروا ان لا ندبروا . وقال أيصا : لا تختر من أمرك شيئا واخدر أن لا تخنار ، وفر من ذلك المختار ، ومن فرارك ، ومن كل شىء الى الله وربك يخلق ما يشاء ويختار 1 قوله تعالى في الأية الأولى : (فلا وربك لا يؤمنون عتى يحكموك فيما شجر بينهعم) فبه دلالة على أن الإيمان الحقيقى لا يحصل إلا فيمن حكم الله ورسوله على نفسه قولا وفعلا وأخذا وتركا وحبا وبغضا، ويشمل ذلك التكلبف، وحكم النعربيف والنسلبع والانقياد واجب على كل مؤمن في كليهما ، وأحكام النكليف : الأوامر والنواهى المنعلقة باكنتساب العباد(1) ، ولحكام التعريف : هو ما أورده عليه (2) من قهر المراد ، فتبين من هذا أنه لا يحصل لك حقيفة الإيمان إلا بأمرين : الامنثال بأمره والاسنسلام لقهره ، نع إنه سبحانه لع يكنف بنفى الإيمان عمن لم يعكم أو حكم ووجد الحرج في نفسه حتى لقسم على ذلك بالربوبية الخاصة برسوله علم رافة وعناية وتخصيصا ورعاية لأنه لع يفل : فلا والرب، وإنما قال : : (فلا ورب ن لا يؤمنون هتى يحكموك فيما شجر بينهم) ففي ذلك تأكيد بالقسم(3)، وتأكيده في الفسم علما منه سبحانه بما النفوس منطوية عليه من حب الغلبة ووجود النصرة سواء كان الحق عليها أو لها ، وفي ذلك إظهار لعنايته برسوله صلم ؛ إذ جعل حكمه حكمه وقضاءه قضاءه، وأوجب على العباد الاسنسلام لحكمه والانقياد لأمره، ولم يفبل منهع الإيمان بإلاهينه حتى بذعنوا لأحكام رسوله صلم لأنه كما وصفه ربه: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وضي يوعى) [النجم:3 ، 4] فحكمه حكم الله، وقضاوه قضاء الله كما قال سبحانه : (إن الذين يبليعونك إنما يبايعون الله) [الفتح :1٠] واكد ذلك بقوله : (يد الله فوق أيديهم) [الفتح :1٠] وفي الآية إشارة أخرى إلى تعظيع قدره ونفضيم أمره صلم وهن قوله : إوربك) فأضاف نفسه إليه(4) كما قال فى الآية ١٥ الأخرى : (كهيعص ذكر رخمة ربك عبده زكريا) إمريع:1 ، 2] فأضاف الحق نفسه سبحانه إلى محمد ، وأضاف زكريا إليه ليعلع العباد فرق ما بين المنزلدين ونفاوت ما بين الرتبنين ، شم إنته سبحانه لم يكتف بالتحكيم (1) الظاهر فيكونوا به مؤمنين ، بل اشنرط فقدان الحرج وهو الضيق من نفوسهم في لحكامه صلم سواء كان الحكم بما.
يوافق أهواءهم أو يخالفها ، وإنما تضيق النفوس لفقدان الأنوار ووجود الاغيار ، ففيه يكون الحرج وهو الضيق ، والمؤمنون ليسوا كذلك ؛ إذ نور الإيمان ملأ قلوبهم فاتسعت وانشرحت فكانت واسعة بنور الواسع العليم(2) ، ممدودة بوجود فضله العظيم ، مهيأة لواردات لحكامه ، مفوضة له في نقضه وإبرامه فالؤدة: اعلم ان الحق سبحانه إذا اراد أن يقوى عبدا على ما يريد أن يورده عليه من وجود حكمه البسه من النوار وصفه ، وكساه من وجود نعته(3) فتنزلت الأقدار وقد سبفت إليه الأنوار، فكان بربه لا بنفسه(4)، فقوى لأعبانها وصبر للأواثها، وإنما يعينهع على حمل الأقدار ورود الأنوار ، وإن شنت قلت : وإنما يعينهع على حمل الأحكام فتح باب الأفهام ، ولن شنت قلت : وإنما يقويهم على حمل البلايا ولردات العطايا، وإن شنت قلت : وإنما يقويهم على حمل الأقدار شهود حسن الاختيار، وإن شنت قلت : وإنما يصيرهع على وجود حكمه علمهع بوجود علمه، وإن شنت قلت : إنما صبرهم على ما جرى علمهم بأنه يرى ، ون شنت قلت : إنما صبرهم على الفضا علمهم بأن الصبر يورث الرضا ، ولن شنت قلت : إنما صبرهم على الأقدار كشف الحجب والأسنار، ولن شنت قلت : إنما قواهم على حمل لثقال التكليف ورود أسرار النعريف، وإن سئت قلت : إنما صبرهم على أقداره علمهع بما أودع فيها من لطفه وإبراره (1) . فهذه عشرة اسباب نوجب صبر العبد وثبونه لأحكام سيده وقونه عند ورودها ، وهو المعطى لكل ذلك يفخيلييي والمان بذلك على ذوى العناية من أهله . ولنتكلم الآن على كل قسع منها لتكمل الفائدة ، وتحصل الجدوى والعائدة .
فلما الأولى وهو: إنما بعينهم على حمل الأقدار ورود الأنوار ، وذلك أن الأنوار إذا وردت كشفت للعبد عن قرب الحق سبحانه منه ، وأن هذه الأسكام لع تكن إلا عنه فكان علمه بأن الأحكام لع نكن إلا عنه إنما هي من سيده سلوة له وسبب لوجود صبر»(2) . ألع نسمع ما قال الله سبحانه لنبيه صلم : (واصنبر لعكم ربك) االطور :48] أى ليس هو حكم غيره فيشق عليك بل هو حكم سيدك القائع بإحسانه إليك ، ولنا في هذا المعنى تمعر : وخفف عنى ما ألاقى من العنا 5 بأند أنت المبتلى والمقدر وما لامري عما قضى الله معدل 5 وليس له منه الذى يتغير 11 مثل ذلك لو أن إنسانا في بيت مظلع فضرب بشىء وهو لا يدرى من الضارب له، فلما أدخل عليه المصباح نظر فإذا هو شيخه أو أميره؛ فإن علمه بذلك مما يوجب صبره على ما هنالك .
الثانى وهو قوله : إنما يعينهم على حمل الأحكام فنح باب الأفهام ، إذا أراد الله بعبده حكما وفنح له باب الفهم عنه في ذلك الحكم(1) فاعلع أنه أراد سبحانه أن يحمله عنه، وذلك أن الفهع يرجعك إلى الله ويحبسف(2) إليه ويجعلك متوكلا عليه ، وقد قال سبحانه : (ومن يتوكل على الذه فهو حسنيه) [الطلاق :3] أى كافيه وواقيه وناصره من الأغبار وراعيه ، ولأن الفهم عن انله يكشف لك عن سر العبودية فيك ، وقد قال سبحانه : (إليس الله بكاف عبده) [الزمر : 36] وكل هذه الوجوه العشرة مرجعه إلى الفهم وإنما هي أنواع فيها الشالث وهو إنما يقويهم على حمل البلايا واردلت العطايا ، وذلك لأن واردات العطايا السابقة من الله إليك بذكرك لها مما يعينك على حمل لحكام الله ؛ إذ كما فضى لك بما تحب أصبر له على ما يحب فيك، ألم نسمع قوله تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتع مثليها) [آل عمران:165] فسلاهم الحق فيما أصيبوا بما أصابوا . هذا في العطايا السابقة وقد يقترن بالبلايا في حين ورودها ما يخففها على 18 العباد المقربين من ذلك أن يكشف لهم عن عظم الأجر الذي ادخره لهم (1) في نلك البلية ، ومنها ما ينزله على قلوبهم من الننبيت والسكينة ، ومنها ما بورده عليهم من رقائق اللطف وننزلات العنن حنى كان بعض الصحابة يقول في مرضه : أشدد حنفك(2) . وحتى قال بعض العارفين : لقد مرضت مرضة فأعببت أن لا نزول لما ورد فيها من إمداد الله وانكشف فيها من وجود غيبه(3) . وللكلام فى سبب ذلاك موضع غير هذا الرابع .
وهو إنما يقويهم على حمل لقداره شهود حسن اختياره ؛ وذلك ان العبد إذا شهد حسن اختيار الله علم أن الحق لا يقصد ألم عبده - لأنه به رحيح ، (وكن بالمؤمنين رحيما) [الأحزاب : 43] ، وقد رأى رسول الله صلعم امرأة معها ولدها فقال : «أترون هذه طلرعة ولدها في النار ؟ قالوا: لا يا رسول الله، فقل صل: الله ارعم بعبده المومن من هذه بولدها» غير أنه يقضى عليك بالألام لما يترنب عليه من الفضل والإنعام ، الم تسمع قوله سبحانه : (إنما يوفى الصابرون أجرفم بغير عساب) [الزمر :1٠] ولو وكل العحق سبحانه العباد إلى اختيار هم لخرموا وجود مننه ومنعوا الدخول إلى جنته ، فله الحمد على حسن الاختيار (4) ، الم نسمع قوله سبحانه : 19 (و عسنى أن تكرهوا شينا وهو غير لكم وعسى أن تعبوا شينا وهو شر لقع) [البقرة : 216] ، وان الأب الشفيق بسوف لابنه الحجام لا لفصد الإبيللم، وكالطبيب الناصح يعاينك بالمراهم الحادة وإن كانت مؤلمة لك ، ولو طاوع اخنيارك لبعد الشفاء عليك، ومن منع وعلم أن المنع إنما هو إشفاق عليه فهذا المنع فى حفه عطاء، وكالأم المشفقة تمنع ولدها كثرة المأكل خشية النخمة ، ولذلك قال الشيخ أبو الحسن - رضى الله عنه : اعلم أن العق سبحانه لم يمنعك عن بخل وإنما منعك رحمة لك، فمنع الله عطاء ولكن لا يفهم العطاء في المنع إلا صديق، وف بي كلام أنبتناه في غير هذا الكتاب : ليخفف(1) عذك ألم البلاء علمك بانه سبحانه هو المبنلى لك، فالذي واجهكل منه الأقدار هو الذي له قيك عسن الاخنيار الخامس : وهو قوله: إنما يصبرهم على وجود حكمه علمهم بوجود علمه؛ وذلك أن علم العبد بأن الحق سبحانه مطلع عليه فيما أبلاه يخفف عنه إعياء (2) البلايا ، ألح نسمع قوله سبحانه: (واصنبر لعكم ربك فإتك بأعيننا) [الطور :48]؛ أى : ما تلفاه با محمد من كفار قريش من المعاندة والتكذيب فليس بخف عنا . الحكابية المشهورة أن إنسانا ضرب نسعة ونسعين سوطا ولع بنأوه، فلما ضرب السوط الذي هو كعال المانة نأوه فقيل له في ذلك ففال : كان الذي ضربت من أجله في الحلقة في الننسعة والنسعين، فلما ولى لحسست الألما 22 السالي : وهو قوله : إنما صبرهم على أفعاله ظهوره عليهم بوجود جماله، وذلك أن الحق سبحانه إذا تجلى على عبده في حين ملاقاته لمر البلابا حمل مرارتها عنه لما أذلقه من حلاوة النجلى، فربما غلبهع ذلك عن الإحساس بالالام ، ويكفيك في ذلا (فلما رأينه أقبرنه وقطعن أيديهن) إيوسف : 31] السايح : وهو إنما صبرهم على القضاء علمهم ان الصبر يورث الرضا ؛ وذلك أن من صبر على لحكام الله أورثه ذلك الرضا من الله ، فتحملوا مرارتها طلبا فى رضاه كما يتحستى (2) الدواء المر لما يرجى فيه من عاقبة الشفاء الثامن : وهو إنما صبرهم على الأقدار كشف الحجب والأستار(3) ؛ وذلك أن الحق سبحانه إذا أراد أن يحمل عن عبده ما يورده عليه كشف الحجاب عن بصيرة قلبه فأراه قربه منه فغيبه أنس القرب عن إدراك المؤلمات ولو أن الحق سبحانه تجلى لأهل النار بجماله وكماله لغيبهم ذلك عن إدراك العذاب كما أنه لو احتجب عن أهل الجنة لما طاب لهم النعيم فالعذاب إنما هم وجود الحجاب وأنواع العذاب مظاهره والنعيم إنما هو بالظهور والتجلي وأنواع النعيم مظاهره.
21 الناسع: وهو فوله : إنما قواهم على حمل لنقال النكليف ورود أسرار النعريف ( وذلك لأن التكاليف شاقة على العباد ، ويدخل في ذلك امنثال الأوامر والانكفاف عن الزواجر والصبر على الأحكام ، والشكر عند وجود الإنعام ، فهي إذا أربعة : طاعة ، ومعصية، ونعمة، وبلية، وهي أربع لا خامس لها، ولله عليك في كل ولحدة من هذه الأربع عبودية يفنضيها منك بحكم الربوبية ، فحقه عليك في الطاعة شهود العنة منه عليك فيها ، وحقه عليك في المعصية الاستغفار مما صنعت فيها ، وحفه عليك فى البلية الصبر معه عليها ، وحقه عليك في النعمة وجود الشكر منك فيها ، ويخفف .
عليك حمل أعباء ذلك كله الفهم ، فإذا فهمت أن الطاعة راجعة إليك وعاندة بالجدوى (2) علبك صبرك ذلك على القيام بها ، واذا علمت أن الإصرار على المعصية والدخول فيها يوجب العقوبة من الله اجلا وانكشاف نور الإيمان عاجلا كان ذلك سببا للترك منك لها، وإذا علمت أن الصبر يعود عليك ثمرته وينعطف عليك بركته سارعت إليه وعولت عليه ، وإذا علمت أن الشكر يتضمن المزيد من الله لقوله : (لنن شكرتع لأزيدنكع) [إبراهيم:7] كان ذلك سببا لمثابرتك عليه ونهوضك إليه، وسنبسط الكللم على هذه الأربعة في أخر الكناب ونفرد لها فصلا - إن شاء الله نعالى.
العاشر : وهو إنما صبرهم على أقداره علمهم بما أودع فيها من لطفه وإبراره، وذلك أن المكاره أودع الحق فيها وجود الألطاف ، ألم تسمع قوله تعالى : (وعسى أن 22 تكرهوا شيئا وفو خير لكم) البفرة 216 وقوله صلم : دصفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات» وفي البلايا والأسقام والفاقات(1) من أسرار اللطف ما لإ يفهمه إلا أولو البصائر ، ألع نر أن البلايا نخمد النفس ونذلها وندهشها عن مطلب حظوظها ، ويفع مع البلايا وجود الذلة ومع الذلة تكون النصرة (ولقد نصركم الله ببدر وأنتع أذلة) [إل عمران : 123](2) وبسط القول في ذلك يخرجنا عن قصد الكناب .
بملقات : جمع فلقة بمعنى الحلجة والفقر وقد كان بعض كبار الأولياء يامره المريد الذي يطلب تزكية نفسه وإصلاحها - وقد جاءه غنيا ذا جاه في قومه - امره ان يعلق ذقنه ويترك لبس الثياب المترفة ؛ ليزول بذلك عظه من الكب والستعلاء والشعور بالتميز ، عتى إذا قويت نفسه وتطم التواضع وحصل له الاتكسار ورأى نفسه واعدا عاديا من جملة البشر لع يضره إطلق لحيته ولبسه الثياب الفلغرة 22 انعصلاف لنرجع الأن إلى الآية وهي قوله سبحانه : (فلا وربن لا يؤمنون عتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم هرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء :65] .
صفحة غير معروفة