ثم روي أن بعضا من الصحابة أكلوا لحم ضبع اصطادوه ، وجعلوه من الصيد وحكموا على من صاده في الحرم أو قتله فلم يرجعه أو كان محرما بكبش أملح[32/أ] ، ولا يصح [55/ج] أن يجعلوه من الصيد ويحكموا به قبل أن يعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجزاء كما جاء في التنزيل في قتل الصيد قبل أن يعرفوا حكمه ، ولا بعد ما بين لهم حكم السباع ونهاهم عن أكلها إلا وقد عرفوا ما عنده في نهيه أنه غير نهي تحريم بل أنه نهى أدب أو كراهية ، فأكلوا وحكموا لئلا يدان بتحريم ذلك يشتهر فعلهم كما اشتهرت رواية النبي ، ولا يفعلوا شيئا إلا ما أجاز لهم ، وأذن لهم فيه النظر بالرأي، فإذا كان في روايته أنه نهى أدب فأكله منهي ، وكل منهي بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مكروه ومندوب تركه ، وتركه من الوسائل المندوبة .
الأصل السادس : الحلال وهو على وجوه.
الأول ترك فعل شيء من المندوب فعله على قدرة من فعله فيكون من الحلال المكروه .
الوجه الثاني ترك فعل شيء من الوسائل مع الاستطاعة على فعله فهو من الحلال المباح .
الوجه الثالث فعل المكروه مع الاستطاعة على تركه فيكون من الحلال المكروه .
والوجه الرابع الحلال فعله كأكل لحم شيء من الأنعام ، وإن شاء لم يأكل في حينه ذلك[64/ب] إذ لم يرغب في ذلك الحين ، ولو أكل لم يكن يضره ، وهذا الوجه هو المراد بهذا القسم هنا .
والأصل السابع :المحجور فعله ، كأكل لحم الخنزير[على غير ] (¬1) ضرورة ، وما أشبه ذلك من ارتكاب فعل المحرمات على وجه لا يسع .
¬__________
(¬1) سقط من أ.
صفحة ٩٣