و بهذا الذي لا اختلاف فيه هو الذي فيه اختلاف يحتاج إلى حكم حاكم يلزم حكمه في المختلف [81/ج] فيه ، فيحكم على المدعي بهذا الشاهد الواحد وبهذه الكتابة المرسوم فيها الشاهدان العدلان ، أن لا حق له على هذا المدعي ، ويمنعه عن المطالبة له إلى أن يجد حاكما كما ذكرناه ، أو يحضر الشاهدين العدلين ، أو المرضي والمرضيتين ، ويشهدون بألسنتهما كما ذكرنا فهو الحكم الحق الجائز لكل[89/ب] فاصل بينهما إلى أن يجد ذلك ممن يحكم بينهما ، ولم يكن منه هذا حكما قطعيا مانعا له في حكمه عن مطالبة خصمه متى وجد حاكما كما ذكرناه ، أو يجد الشهود على ما ذكرناه .
وفي التنزيل دليل على أن الكتابة ليس يراد بها شيئا غير أنها تذكرة للشهود ، وحذرا أن ينسوا شهادتهما ، فلا ينفع الإشهاد ، وتذهب الحقوق ، وإنه لا بد عند الحكم من إحضار الشهود لا يكتفي بمعرفة السلكة في الكتابة ، قوله تعالى :" فتذكرإحداهما الأخرى " (¬1) ، وإذا كانت الأخرى مع الثانية لتذكر إحداهما الأخرى كذلك[ الشاهد] (¬2) الثاني ليذكر أحدهما الآخر.
وإذا كان الحكم يصح ويجوز بمعرفة سلكة كتابتهم فمتى تذكر إحداهما الأخرى ، فلم يرد الله تعالى بهذا اللفظ إلا أنه ليس المراد بنفس الكتابة ، ومعرفة السلكة فيها يكون الحكم ، وإنما الحكم لا يكون إلا بحضور الشهود ، وأداء الشهادة بألسنتهم ، وأن الكتابة كافية في التذكير لأحداهما إن نسيت ، ولا سيما إن كانت كتابة شهادتها بخط يدها فلا يحتاج إلى تذكير الأخرى لها إن لم تحضر.
¬__________
(¬1) سورة البقرة :282.
(¬2) سقط في ب.
صفحة ١٢٠