تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
دمشق - بيروت
وَالثَّالِثُ بِالنِّيَّةِ دُونَ الْقَصْدِ يَعْنِي يَنْوِي بِقَلْبِهِ أَنْ يَعْمَلَ بِالطَّاعَاتِ وَالْخَيْرَاتِ وَلَا يَقْصِدُ بِنَفْسِهِ، لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ شَيْئًا وَالرَّابِعُ بِالدُّعَاءِ دُونَ الْجَهْدِ، يَعْنِي يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَهُ لِلْخَيْرِ وَلَا يَجْتَهِدُ، لَمْ يَنْفَعْهُ دُعَاؤُهُ شَيْئًا، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ لِيُوَفِّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩]، يَعْنِي الَّذِينَ جَاهَدُوا فِي طَاعَتِنَا وَفِي دِينِنَا لَنُوَفِّقَنَّهُمْ لِذَلِكَ.
وَالْخَامِسُ بِالِاسْتِغْفَارِ دُونَ النَّدَمِ، يَعْنِي يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا يَنْدَمُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ، لَمْ يَنْفَعْهُ الِاسْتِغْفَارُ يَعْنِي بِغَيْرِ النَّدَامَةِ.
وَالسَّادِسُ بِالْعَلَانِيَةِ دُونَ السَّرِيرَةِ يَعْنِي يُصْلِحُ أُمُورَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَا يُصْلِحُهَا فِي السِّرِّ، لَمْ تَنْفَعْهُ عَلَانِيَتُهُ شَيْئًا.
وَالسَّابِعُ أَنْ يَعْمَلَ بِالْكَدِّ دُونَ الْإِخْلَاصِ يَعْنِي يَجْتَهِدُ فِي الطَّاعَاتِ وَلَا تَكُونُ أَعْمَالُهُ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ تَنْفَعْهُ أَعْمَالُهُ بِغَيْرِ إِخْلَاصٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ اغْتِرَارًا مِنْهُ بِنَفْسِهِ
٦ - وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ لِاجْتِلَابِ الدُّنْيَا مِثْلَ الْحَلْبِ» .
وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى «يَجْلِبُونَ» أَيْ يَأْكُلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ وَفِي أُخْرَى «يَجْتَلِبُونَ الدُّنْيَا» يَعْنِي يَأْخُذُونَهَا فَيَلْبَسُونَ لِبَاسَ جُلُودِ الضَّأْنِ فِي اللِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ.
يَقُولُ اللَّهُ: «أَبِي تَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ» الِاجْتِرَاءُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ شُجَاعًا مِنْ غَيْرِ تَفَكُّرٍ وَلَا رَوِيَّةٍ.
فَبِي حَلَفْتُ؟ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَكِيمَ الْعَاقِلَ فِيهَا حَيْرَانًا
٧ - وَرَوَى وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ فَأُسِرُّهُ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَلِي فِيهِ أَجْرٌ؟ قَالَ: «لَكَ فِيهِ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ» .
٨ - مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى عَمَلِهِ وَيَقْتَدِي بِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ؛ أَجْرٌ لِعَمَلِهِ وَأَجْرٌ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ.
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ
1 / 26