210

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

محقق

يوسف علي بديوي

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

دمشق - بيروت

مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَعْنِي: إِذَا كَانَ الْغِنَي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ أَقَلُّ دَرَجَةٍ مِنَ الْفَقِيرِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَهُوَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي: يَتَصَدَّقُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ.
وَقَلِيلٌ مَا هُمْ يَعْنِي: قَلَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي الْأَغْنِيَاءِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُزَيِّنُ لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا.
٢٩٢ - وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَقُولُ: لَنْ يَنْجُوَ الْغَنِيُّ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ أُزَيِّنَهُ فِي عَيْنِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ، وَإِمَّا أَنْ أُسَهِّلَ عَلَيْهِ سَبِيلَهُ فَيُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَإِمَّا أَنْ أُحَبِّبَهُ فِي قَلْبِهِ فَيَكْسِبُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ ".
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا تَاجِرٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تَجْتَمِعَ لِيَ التِّجَارَةُ مَعَ الْعِبَادَةِ فَلَمْ تَجْتَمِعَا، فَرَفَضْتُ التِّجَارَةَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حَانُوتًا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَا تُخْطِئُنِي فِيهِ صَلَاةٌ فَأَرْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، فَأَتَصَدَّقُ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قِيلَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ: لِمَ تَكْرَهْ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِسُوءِ الْحِسَابِ.
٢٩٣ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ مَنْ أَحَبَّنِي فَارْزُقْهُ الْعَفَافَ وَالْكَفَافَ، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ» .
٢٩٤ - وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «الْفَقْرُ مَشَقَّةٌ فِي الدُّنْيَا، مَسَرَّةٌ فِي الْآخِرَةِ.
وَالْغِنَى مَسَرَّةٌ فِي الدُّنْيَا، مَشَقَّةٌ فِي الْآخِرَةِ»
٢٩٥ - وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ حِرْفَةً، وَحِرْفَتِي اثْنَتَانِ: الْفَقْرُ وَالْجِهَادُ.
فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ".
يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ الْفَقْرَ وَيُحِبَّ الْفُقَرَاءَ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، لِأَنَّ فِي حُبِّ الْفُقَرَاءِ حُبَّ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِحُبِّ الْفُقَرَاءِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ.
وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ

1 / 230