203

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

محقق

يوسف علي بديوي

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

دمشق - بيروت

أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ: طُولُ الْأَمَلِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَإِنَّ طُولَ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ، وَاتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ.
٢٨١ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: " أَنَازَعْتُمْ لِثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ: لِلْمُكِبِّ عَلَى الدُّنْيَا، وَالْحَرِيصِ عَلَيْهَا، وَالشَّحِيحِ بِهَا بِفَقْرٍ لَا غِنًى بَعْدَهُ، وَشُغْلٍ لَا فَرَاغَ مِنْهُ وَهَمٍّ لَا فَرَحَ مَعَهُ ".
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ أَشْرَفَ عَلَى أَهْلِ حِمْصٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ.
إِنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ بَنَوْا مَشِيدًا، وَجَمَعُوا كَثِيرًا، وَأَمَّلُوا بَعِيدًا، فَأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا، وَآمَالُهُمْ عَنْهُ غُرُورًا وَجَمْعُهُمْ بُورًا.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَلْقَى صَاحِبَكَ فَارْفَعْ قَمِيصَكَ، وَاخْصِفْ نَعْلَكَ، وَاقْصُرْ أَمَلَكَ، وَكُلْ دُونَ الشِّبَعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بنْ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنَّهُ دَخَلَ السُّوقَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ غَلِيظَةٌ غَيْرُ مَغْسُولَةٍ.
فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ لَبِسْتَ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخْشَعُ لِلْقَلْبِ، وَأَشْبَهُ بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَأَحْسَنُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَعْرَفُ بِالنَّاسِ مِنَ الْبِيطَارِ بِالدَّوَابِّ.
أَمَّا خِيَارُهُمْ فَالزَّاهِدُونَ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا شِرَارُهُمْ فَمَنْ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا فَوْقَ مَا يَكْفِيهِ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أُمَّهَاتُ الْخَطَايَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الْحَسَدُ وَالْحِرْصُ وَالْكِبْرُ.
فَأَمَّا الْكِبْرُ فَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ إِبْلِيسَ حِينَ تَكَبَّرَ وَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ، فَلُعِنَ.
وَأَمَّا الْحِرْصُ فَكَانَ أَصْلَهُ مِنْ آدَمَ ﵇ حَيْثُ قِيلَ لَهُ الْجَنَّةُ كُلُّهَا مُبَاحٌ لَكَ إِلَّا هَذِهِ

1 / 223