تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
دمشق - بيروت
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «اللَّيْلُ طَوِيلٌ فَلَا تُقَصِّرْهُ بِمَنَامِكَ وَالنَّهَارُ مُضِيء فَلَا تُكَدِّرْهُ بِآثَامِكَ» .
وَقَوْلُهُ: وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، يَعْنِي إِذَا كُنْتَ رَاضِيًا بِمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْقُوتِ فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَلَا تَطْمَعْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ.
وَقَوْلُهُ: وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَا دَامَ حَيًّا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يُضَيِّعَ أَيَّامَهُ الْفَانِيَةَ، وَيَغْتَنِمَ أَيَّامَهُ الْبَاقِيَةَ.
قَالَ الْحَكِيمُ بِالْفَارِسِيَّةِ: «بكودكي ازى بجوَاني مستي بيبري ستي خداراكي برستي» يَعْنِي: إِذَا كُنْتَ صَبِيًّا تَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَإِذَا كَنْتَ شَابًّا غَفَلْتَ بِاللَّهْوِ، وَإِذَا كُنْتَ شَيْخًا صِرْتَ ضَعِيفًا، فَمَتَى تَعْمَلُ لِلَّهِ تَعَالَى.
يَعْنِي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ مَوْتِكَ، وَإِنَّمَا تَقْدِرُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي حَالِ حَيَاتِكَ وَتَسْتَعِدُّ لِقُدُومِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَتَذْكُرُهُ فِي كُلِّ
٢٥ - وَقْتٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِغَافِلٍ عَنْكَ. . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى مَلَكَ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: " ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ أَبْشِرْ يَا مُحَمَّدُ؛ فَإِنِّي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ، وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا صَرَخَ صَارِخٌ مِنْ أَهْلِهِ قُلْتُ: مَا هَذَا الصُّرَاخُ، فَوَاللَّهِ مَا ظَلَمْنَاهُ وَلَا سَبَقْنَا أَجَلَهُ، وَلَا اسْتَعْجَلْنَا قَدَرَهُ، فَمَا لَنَا فِي قَبْضَةٍ مِنْ ذَنْبٍ، فَإِنْ تَرْضَوْا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ تُؤْجَرُوا وَإِنْ تَسْخَطُوا أَوْ تَجْزَعُوا تَأْثَمُوا وَتُؤْزَرُوا وَمَا لَكُمْ عِنْدَنَا مِنْ عُتْبَةٍ، وَإِنَّ لَنَا عَلَيْكُمْ لَبَقِيَّةً وَعَوْدَةً، فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ، وَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَعْرٍ أَوْ مَدَرٍ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ إِلَّا وَأَنَا أَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَعْرِفُ صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ، وَأَعْرَفُ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدِرْتُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُوَن اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْآمِرُ بِقَبْضِهَا ".
٢٦ - وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى أُنَاسًا يَضْحَكُونَ قَالَ: «أَمَا
1 / 38