تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
دمشق - بيروت
فَمَا ذَهَبَتْ مَرَارَةُ الْمَوْتِ مِنِّي، حَتَّى كَأَنَّهُ الْآنَ، فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِيدَنِي كَمَا كُنْتُ، وَكَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ "
١٩ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ الْحَرْثِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «قَدْرُ شِدَّةِ الْمَوْتِ وَكَرْبِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَقَدْرِ ثَلاثِ مِائَةِ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ» .
قَالَ الْفَقِيهُ ﵀: مَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لَهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَبِالِاجْتِنَابِ عَنِ الْأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَنْزِلُ بِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ شِدَّةَ الْمَوْتِ وَمَرَارَتَهُ نَصِيحَةً مِنْهُ لِأُمَّتِهِ، لِكَيْ يَسْتَعِدُّوا لَهُ وَيَصْبِرُوا عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْتِ، لِأَنَّ شِدَّةَ الْمَوْتِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا.
٢٠ - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَالَ: جِئْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ قَالَ: «مَا صَنَعْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ» قَالَ: وَمَا رَأْسُ الْعِلْمِ؟ قَالَ: «هَلْ عَرَفْتَ الرَّبَّ ﷿» قَالَ نَعَمْ.
قَالَ: «فَمَاذَا فَعَلْتَ فِي حَقِّهِ؟» قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: «وَهَلْ عَرَفْتَ الْمَوْتَ» قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهُ؟» قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: «اذْهَبْ فَاحْكُمْ بِمَا هُنَاكَ ثُمَّ تَعَالَ حَتَّى أُعَلِّمَكَ مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ» .
فَلَمَّا جَاءَ بَعْدَ سِنِينَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى قَلْبِكَ؛ فَمَا لَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ لَا تَرْضَهُ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ.
وَمَا رَضِيتَهُ لِنَفْسِكَ فَارْضَهُ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ» .
وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الِاسْتِعْدَادَ لِلْمَوْتِ مِنْ رَأْسِ
٢١ - الْعِلْمِ، فَالْأَوْلَى: أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِ. . وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ
1 / 36