كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه
محقق
دار الكتب والوثائق القومية - مركز تحقيق التراث
الناشر
مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة
رقم الإصدار
الثانية ٢٠٠٠
* * * وفي " ص ٣ س ١٦ " وأنشد أبو علي ﵀ لأرطأة بن سهية يهجو شبيب ابن البرصاء:
مَن مُبْلِغٌ فِتْيَانَ مُرَّةَ أَنَّهُ ... هَجَانَا ابنُ بَرْصَاءِ العِجَانِ شَبِيبُ
فلو كُنتَ مُرِّيًّا عَمِيتَ فَأَسْهَلَتْ ... كُدَاكَ وَلَكِنَّ المُرِيبَ مُرِيبُ
أبِي كانَ خيرًا من أَبِيك وَلَمْ تَزَلْ ... جَنِيبًا لآبائِي وأنتَ جَنِيبُ
وَمَا زِلتُ خيرًا منك مُذْ عضَّ كارِهًا ... برأسِك عَادِيُّ النِّجَادِ رَكُوبُ
قال أبو علي: سألت ابن دريد - رحمهما الله - عن معنى هذا البيت: فلو كنت مريًا عميت ... الخ فقال: كان أبوه أعمى، وجده أعمى، وجدُّ أبيه أعمى. يقول: فلو لم تكن مدخول النسب كنت أعمى كآبائك. لأبي علي ﵀ فيما أورده سهوان: أحدهما إنشاده: فلو كنت مريًاّ....... وإنما هو: فلو كنت عوفيًاّ ...، لأن أرطأة وشبيبًا جميعًا مُرِّيَّان؛ وإنما العمى فاش في بني عوف منهم، وهم قوم شبيب إذا أسن الرجل فيهم عمى، قلَّ من يُفلت فيهم من ذلك. ولو قال: فلو كنت مريا ... لكان هو أيضا قد انتفى من نسبه، لأنه مريٌّ ولم يكن أعمى. وأما السهو الثاني، فإنشاده أربعة الأبيات لأرطأة؛ وإنما البيتان الآخران لشبيب يرد على أرطأة، ألا تراه يقول: أبي كان خيرًا من أبيك ... ! ولم يختلف الرواة أن شبيبًا كان أفضل من أرطأة بيتًا، وأكرم معشرًا وأبًا وأُمًا؛ وأن أرطأة كان أفضل منه نفسًا، وكلاهما شاعران إسلاميان غلبت عليهما أمهاتهما وهو أرطأة بن زفر ابن عبد الله بن مالك أُمه سُهية بنت زامل، وقيل إنها سبية من كلب كانت لضرار بن الأزور ثم صارت إلى زفر وهي حامل فجاءت بأرطأة. وأما شبيب فهو شبيب بن يزيد بن حمزة ويقال
1 / 88