وقوله: خفضوا أسنتهم: يريد أمالوها للطعن؛ كما قال القتال الكلابي:
نَشَدْتُ زِيادًا والسفاهَةُ كاسْمِهَا ... وذكَّرْتُه أرحامَ سِعْرٍ وهَيْثَم
فلمّا رأيت أنه غَيْرُ مُنْتَهٍ ... أَمَلتُ له كفِّي بِلَدْنٍ مُقَوَّمِ
وقال النابغة الجعدي:
فَلَمْ نُوَقِّف مُشِيلينَ الرِّماحَ ولم ... نُوجَدْ عَواويرَ يوم الروع عُزَّالا
يقول: لم نُشل الرماح، أي لم نرفعها ولكنا خفضناها للطعن.
* * * وفي " ص ٣٠ س ١٦ " وأنشد أبو علي لأعرابي:
إذا وجَدْتُ أُوَار الحُبِّ في كَبِدِي ... أَقْبَلتُ نَحْوَ سِقاءِ القومِ أبْتَرِدُ
هذا بَرَدْت ببَرْدِ الماءِ ظاهِرَهُ ... فَمَنْ لنارٍ على الأحشاءِ تَتَّقِد
لم يختلف أحد أن هذين البيتين لعروة بن أُذينة الفقيه المحدِّث، ووقفت عليه امرأة فقالت: أنت الذي يقال فيه الرجل الصالح! وأنت تقول:
إذا وجَدْتُ أُوَارَ الحبِّ في كَبِدِي............. البيتين
لا والله! ما خرجا من قلب سليم، وأُذينة: لقب لأبيه. واسمه: يحيى بن مالك بن الحارث الليثي. وكان عروة شاعرًا غزلا من شعراء أهل المدينة وثقة ثبتًا؛ روى عنه مالك وغيره من الأئمة
1 / 26