٣٠ - والدليل على ما قلنا، وأن العلم يقوم مقام المعرفة قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فأقام العلم مقام المعرفة، والمعرفة مقام العلم.
ومن الدليل عليه أيضًا أنه حد صحيح كسائر الحدود يمنع أن يدخل فيه ما ليس منه وأن يخرج عنه ما هو منه.
ومن الدليل عليه أيضًا أنّا نبطل هذه الثمانية الأقسام ونبقى ما ذكرنا.
٣١ - فصل: فأما من قال حد العلم ٦ أ/: "هو تبين المعلوم على ما هو به" فهو غير صحيح.
لأنه حد قاصر، والدليل عليه أنه لا يحسن أن يقول الإنسان فيما علمه ضرورة أني (تبينته)، ومثاله أنه لا يحسن أن يقول: "تبينت أن السماء فوقي وأني قائم".
الثاني: أن التبين هو الظهور بعد الخفاء واليقين بعد الشك، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾. معناه: فلما أن ظهر له بعد أن كان خفيًا وتيقنه بعد أن كان مشكوكًا فيه، أنه عدو لله تبرأ منه. ولأنه يخرج منه علم
1 / 37