التمهيد
محقق
مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري
الناشر
وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية
سنة النشر
١٣٨٧ هجري
مكان النشر
المغرب
تصانيف
علوم الحديث
مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُمْ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَقَدْ ذكر بعض أهل العلم أن أبي ابن كَعْبٍ كَانَ مِنْ أَيْسَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ قَسَّمَ عَلَيْهِمْ أَبُو طَلْحَةَ صَدَقَتَهُ هَذِهِ وَقَدْ عَارَضَهُ بَعْضُ مُخَالِفِيهِ فَزَعَمَ أَنَّ أُبَيًّا كَانَ فَقِيرًا وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ فقراء أقاربه وهي لفظة مختلف فيه لَا تَثْبُتُ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَإِنَّ الصدقة التطوع جائز قبولها من غير مسئلة لِكُلِّ أَحَدٍ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ التَّنَزُّهُ عَنْهَا أَفْضَلَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَسَنُبَيِّنُ وُجُوهَ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِيِّينَ حَيْثُ قَالُوا فَيَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِصَدَقَةِ حَبْسٍ ذَكَرَ فِيهَا أَعْقَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا بَعْدَهُمْ مَرْجِعًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَا لَا يُعْدَمُ وجوده من صفات البر فماتو وَانْقَرَضُوا إِنَّهَا تَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ يَوْمَ تَرْجِعُ لَا يَوْمَ حَبْسٍ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ إِذْ جَعَلَ حَائِطَهُ ذَاكَ صَدَقَةً لِلَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهًا مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ ﷿ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي أَقَارِبِهِ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَدَقَةٍ لَا يُجْعَلُ لَهَا وَجْهٌ وَلَا يُذْكَرُ لَهَا مَرْجِعٌ تُصْرَفُ عَلَى أَقَارِبِ الْمُتَصَدِّقِ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ صَاحِبُهُ حَيَاةَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ فَهِيَ عِنْدُهُ الْعُمْرَى وَمَذْهَبُهُ فِي الْعُمْرَى أَنَّهَا (*) عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ عُمْرِ الْمُعْمَرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ مِيرَاثًا وَسَنَذْكُرُ قَوْلَهُ وَقَوْلَ غَيْرِهِ فِي الْعُمْرَى عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ فِيهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَنُبَيِّنُ وُجُوهَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﷿
1 / 208