التمهيد
محقق
مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري
الناشر
وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية
سنة النشر
١٣٨٧ هجري
مكان النشر
المغرب
تصانيف
علوم الحديث
وَسَنَذْكُرُ وَجْهَ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ وَجَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وَأَرْدَفَهُ بِفِعْلِ عُمَرَ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمِمَّا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مَذَاهِبِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَنِ لِأَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كُلِّفُوا فِي غَيْرِهِمُ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّ مُسْلِمًا لَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ولم يكلفو عِلْمَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كُلِّفُوا فِي غَيْرِهِمُ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَظْهَرُ لَهُمْ وَلَمْ يكلفو عِلْمَ مَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ حَالِ إِمَامِهِمْ فَقَوْلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ اسْتِدْلَالَهُ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ هُوَ خَارِجٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ الَّذِي يُجِيزُ فِيهِ إِحْرَامَ الْمَأْمُومِ قَبْلَ إِمَامِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِذْ كَبَّرَ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ ذَكَرَ حَالَهُ فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ أَنِ امْكُثُوا وَانْصَرَفَ فَاغْتَسَلَ لَا يَخْلُو أَمْرُهُ إِذْ رَجَعَ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةٍ وُجُوهٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَنَى عَلَى التَّكْبِيرَةِ الَّتِي كَبَّرَهَا وَهُوَ جُنُبٌ وَبَنَى الْقَوْمُ مَعَهُ عَلَى تَكْبِيرِهِمْ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ ﷺ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَكَيْفَ يَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ هَذَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ
1 / 179