============================================================
الشميد شح معالمر العدل والتوحيل فلنقصر في الرد عليهم فيهما ونذكر ما يرد عليهم من الالزامات فنقول: أما الاختيار فضروري عند العقلاء، ويجدون فرقا بين حركة اليد ونزول الحجر، وأيضا فالقادر يعلم من حاله بالضرورة في سلوك طريقين مؤديين إلى الغرض: أنه يتخير ويؤثر سلوك أحدهما على الآخر بخلاف الموجب، فيستحيل خلافه كالمرمى من شاهق.
وبالجملة فلا ينكر الاختيار إلا معاند، فلو كان تعالى موجبا بالذات للزم من قدمه قدم العالم؛ لأن المعلول مع علته، وأيضا فكان يلزم حصول الحوادث دفعة واحدة، وهو محال.
ال وستأتي بقية الكلام في الاختيار عند الكلام في إثبات القادرية إن شاء الله تعالى.
وأما الثاني وهو أنه تعالى لا يصدر عنه إلا واحد، فقد احتجوا عليه بأمرين: أحدهما أنه تعالى لو صدر عن ذاته أكثر من واحد لكان مفهوم ذاته صدر عنها أمر مغاير لمفهومها إذا(1) صدر عنها أمر آخر، فيكون في ذاته تعالى كثرة. قلنا: إن كان مفهوم ذاته صدر عنها أمر مغاير لمفهومها إذا صدر عنها أمر آخر، فكذلك مفهوم الذات مسلوب عنها أمر مغاير لمفهومها إذا سلب عنها أمر آخر. وأنتم قد أثبتم للقديم تعالى سلوبا كثيرة، فإن كان الأول يقتضيي كثرة في ذاته تعالى فكذلك الثاني.
وثانيهما قالوا: لو صدر عن ذاته تعالى شيئان، وأحدهما ليس هو الآخر، لكان قد صدر عنه شيء وما ليس بذلك الشيء، وهو متناقض.
قلنا: ليس صدور الشييء عن الذات يناقض صدور ما ليس بذلك الشيء عنها، بل يناقضه لا صدور ذلك الشييء بعينه.
- "إذا غير موجودة بالأصل.
صفحة ٧٨