============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيل والجواب قوله: إما أن يكون لها بداية أو لا يكون لها بداية قلنا: فإن لها بداية. قوله: يلزم انقلاب الممتنع لذاته واجبا لذاته. قلنا: ليس استحالة وجود العالم في الأزل لذاته حتى يقال إن الممتنع لذاته قد انقلب واجبا، وإنما استحالته إما لامتناع وجود شرطه أو لأجل وجود مانع عن وجوده فيما لا يزال قد وجد شرطه وزال ذلك المانع، وأيضا فقولنا في صحة حدوث كل العالم كقولكم في صحة حدوث الحادث المعين مع كونه مسبوقا بالعدم.
الشبهة الخامسة الايجاد للعالم إحسان، والإحسان أفضل من تركه، فلو كان العالم محدثا لكان البارى تاركا للإحسان الذي هو أفضل الأمور مدة غير متناهية، وترك الأفضل نقص، والنقص على الله تعالى محال.
والجواب إن فعل العالم وإن كان إحسانا فالإحسان مشروط بالإمكان، فإذا كان وجود العالم في الأزل محالا لم يكن إيجاده إحسانا، وأيضا فداعي الإحسان شرط في إيجاده، وعلمه باستحالة إيجاده في الأزل يصرفه عن إيجاده في الأزل.
واعلم أنا بينا هذه الطريقة على استحالة خلق الجسم عن الكائنيات الحادثة، وقررها أصحاب الأحوال(1) وهم أصحاب أبي هاشم على استحالة خلق الأجسام عن معان هي علل هذه الكائنيات، وهي عسيرة صعبة وفيها مزيد إشكالات، وهي مبنية على بطلان كون الكائنية بالفاعل، ولا سبيل إليه بحجة قوية، وفيما ذكرناه مقنع وكفاية.
ا- تنسب نظرية الأحوال إلى أبي هاشم الجباني وتقول: إن العالم له حال يفارق به من ليس بعالم، وللقادر حال به يفارق حال العالم، والحال ليست بموجودة ولا معدومة ولا مجهولة، وإن العالح يغلم على حالة ولا يعلم حال العالم ولا حال القادر، ولا يمكن الفرق بين حال العالم وبين حال القادر إذ لا يغلم حال واحد منهما، ومن لا يعلم من نفسه ما يقول كيف يقدر أن يعلمه غيره. وقد اقتدى في ذلك القول بالباطنية حيث قالوا: إن الصانع لا معدوم ولا موجود، وما من ثابت إلا وهو في الحقيقة موجود إذ لا واسطة بين العدم والوجود ولو ثبت. الإسفرايني: التبصير في الدين 87/1.
صفحة ٦٩