============================================================
الهيد شح معالم العدل والنوحيل الأول ذكره أبو الحسين، وحاصل كلامه أن القول بصحة الحلول على الله تعالى يفضي إلى أقسام فاسدة، وما أدى إلى الفاسد فهو فاسد، فالقول بصحة الحلول يجب أن يكون فاسدا.
وإنما قلنا إن القول بصحة الحلول يفضي إلى أقسام فاسدة؛ فلأنه تعالى لو حل في محل لكان لا يخلو إما أن يقال بأنه تعالى كان حالا فيه أبدا، فيلزم منه إما حدوثه وإما قدم المحل، وكلاهما محال. وإما أن يقال بأنه تعالى حل في جسم بعد أن لم يكن حالا فيه، فنقول : حلوله فيه لا يخلو إما أن يكون واجبا أو جائزا، فإن كان واجبا فذلك الوجوب إن كان راجعا إلى المحل لزم أن تكون الأجسام كلها مستوية فيه، فيلزم أن يكون الله تعالى حالا في جميعها، فيلزم إما انقسام ذاته تعالى، وهو محال كما مر في التجسيم. وإما حصول الشيء الواحد في الوقت الواحد في أكثر من حيز واحد، وهو باطل بالضرورة. وإن كان الوجوب راجعا إلى الحال نفسه لزم أن يكون تعالى في كل المحال، إذ لا مخصص لذاته بمحل دون محل، فبطل ان يكون حلوله واجبا. وإن كان جائزا فهو إما لوجود معنى آو عدمه، ووجود المعنى وعدمه لا اختصاص لهما، فكان يلزم أن يكون تعالى في كل محل، وهو باطل.
وان كان بالفاعل فإما أن بجعل ذاته في كل محل لزم انقسام ذاته، وإما أن بجعلها في محل واحد فيلزم أن تكون ذاته تعالى أصغر المقادير، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فثبت أن هذا ملخص كلامه بعد حذف زوائده.
المسلك الثاني لو حل تعالى في محل لكان لا يخلو إما أن يحل في جزء واحد أو في أكثر من جزء واحد، والأول باطل؛ لأن هذا يلزم منه أن تكون ذاته تعالى أصغر المقادير، والله يتعالى عن ذلك، وإن حل في أكثر من جزء واحد فهو باطل أيضاب لأن الحال في أحد الجزأين إما ان يكون هو عين الموجود في المحل الآخر أو غيره، فإن كان الأول لزم أن تكون الذات
صفحة ٢٨٣