255

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل نفسه أو إلى غيره، أما الإفادة الراجعة إلى نفس المتكلم فنحو أن يتكلم به ليطرب إليه، كما في التغني، أو يكرره ليحرز حفظه، أو للتعبد به كما نعبد الله بقراءة القرآن، والله تعالى متعال عن هذه المنافع.

وأما الافادة الراجعة إلى غيره فنحو أن يخاطب به غيره لفهم مراده بأمره ونهيه وإخباره بأمر من الأمور، ولما لم يكن في الأزل من يفيد بكلامه هذه الفائدة كان كلامه سفها وعبثا وهذيانا، تعالى الله عن ذلك، فثبت أنه يلزم من قدم كلامه حصول النقص في حقه.

وأما أن النقص عليه محال؛ فللأدلة وتسليم الخصم لذلك، فثبت أن القول بقدم كلامه محال.

الوجه الثاني أن كلامه لو كان قديما لكان جاريا مجرى علمه في كون تعلقه بمتعلقاته لذاته، فكما أن علمه تعالى يتعلق بما يصح آن يعلم فيجب آن يكون كلامه متعلقا بما يصح تعلقه به، وعلى مذهبكم في القبح والحسن وخلق الأعمال لا شيء إلا ويصح من الله أن يأمر به وينهى عنه، فيلزم أن يكون الله تعالى آمرا بكل الأشياء ناهيا عن كلها، مخبرا عن كلها على الوجوه المتناقضة التي يصح الأخبار عن كل واحد منها، وهذا محال: الوجه الثالث أن كلامه تعالى يصح عليه النسخ ال والنسخ على القديم محال، فالقول بقدم كلامه تعالى محال، وإنما قلنا بأن كلامه تعالى يصح عليه دخول النسخ فاتفاق المسلمين على ذلك، وإنما قلنا إن النسخ على القديم محال؛ فلأن النسخ عبارة عن دفع الحكم أو عن الإزالة أو عن انتهاء مدة العبادة، وكلها مستحيلة على القديم؛ لاستحالة العدم عليه. فيلزم أن يكون كلام الله تعالى غير قديم.

صفحة ٢٥٥