============================================================
العهيد شح معالم العدل والنوحيل فهي أيضا حاصلة بالنسبة إلى الأجزاء التي هي غير مرئية، ولما كان المرئي من الأشياء المستجمعة للشرائط نرى بعضها دون بعضها، علمنا أن حصول الرؤية عند استجماع الشرائط غير واجب، وهو المطلوب.
وجوابه من وجهين: أما أولا فقد بينا أن حصول المدركية عند وجود شرائطها كاملة هو آمر واجب بالضرورة فلا يمكن مدافعته بالأمور المحتملة، وما ذكروه معارضة بأمر محتمل فلا نقبله.
وأما ثانيا فنقول: إنما وجب أن نرى الكبير صغيرا من البعد لعروض أسباب ثلاثة: الأول وهو الذي عول عليه جمهور القائلين بالانطباع، فإنهم ذكروا أن الرؤية لا تحصل إلا لأجل انطباع صورة في نقطة الناظر، وإنه يرتسم فيما بين الناظر وبين المرئي شكل من الهواء مخروط، زاويته تلي الناظر وقاعدته تلي المرئي، فكلما كان المرئي أبعد كانت تلك الزاوية أدق وأصغر، ومتى كان أصغر كانت تلك الصورة المنطبعة فيها أصغر؛ فلأجل ذلك وجب أن نرى الكبير صغيرا.
الثاني وهو الذي ذكره أبو الحسين، فإنه قال: إن صورة المرئي تحدث في الهواء على جهة التأثير، ثم يتصل الهواء بنقطة الناظر فتحدث صورة المرثي في النقطة، فإذا كان المرئي في أقصى البعد ضعف تأثيره في الهواء واضمحل؛ لأن طول المدى يضعف التأثير ويقطعه، وقيل ذلك بالرامي لحجر في ماء؛ فإنه يتحرك الماء ثم لا يزال الاضطراب يضعف إلى أن ال يبطل، وكلما قوي التحريك والاعتماد طال زمان التحريك، وكلما ضعف التحريك والاعتماد قصرت مدته، فكذلك إذا عظم الجسم المرئي وقوى اللون المدرك قوي تأثيره في الهواء ومتى صغر وقل فإنه يضعف تأثيره في الهواء.
صفحة ١٩٠