وبعد فإن أولى العلوم ذكرا وفكرا، وأشرفها منزلة وقدرا، وأعظمها ذخرا وفخرا، كلام من خلق من الماء بشرا، فجعله نسبا وصهرا، فهو العلم الذي لا يخشى معه جهالة، ولا يغشى به ضلالة، وإن أولى ما قدم من علومه معرفة تجويده، وإقامة ألفاظه.
وقد سئل علي ﵁ عن معنى قوله تعالى ﴿ورتل القرآن ترتيلا﴾، فقال: الترتيل تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف.
وسيأتي الكلام على هذه الآية.
ولما رأيت الناشئين من قراء هذا الزمان وكثيرا من منتهيهم قد غفلوا عن تجويد ألفاظهم، وأهملوا تصفيتها من كدره، وتخليصها من درنه، رأيت الحاجة داعية إلى تأليف مختصر أبتكر فيه مقالا يهز عطف الفاتر، ويضمن غرض الماهر، ويسعف أمل الراغب، ويؤنس وسادة العالم، أذكر فيه علوما جليلة، تتعلق بالقرآن العظيم، يحتاج القارئ والمقرئ إليها، ومباحث دقيقه، ومسائل غريبة، وأقوالا عجيبة، لم أر أحدا ذكرها، ولا نبه عليها، وسميته (كتاب التمهيد في علم التجويد) .
جعله الله خالصا لوجهه الكريم، ونفع به إنه السميع العليم.
وجعلته عشرة أبواب:
1 / 40