تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل
محقق
عماد الدين أحمد حيدر
الناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
مكان النشر
لبنان
السَّلَام
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى وهم اليعاقبة وَكثير مِنْهُم إِن الِاتِّحَاد هُوَ اخْتِلَاط وامتزاج وَزَعَمت اليعقوبية أَن كلمة الله انقلبت لَحْمًا ودما بالاتحاد
وَزعم كثير مِنْهُم أَعنِي اليعقوبية والنسطورية أَن اتِّحَاد الْكَلِمَة بالناسوت اخْتِلَاط وامتزاج كاختلاط المَاء وامتزاجه بِالْخمرِ وَاللَّبن إِذا صب فيهمَا ومزج بهما
وَزعم قوم مِنْهُم أَن معنى اتِّحَاد الْكَلِمَة بالناسوت الَّذِي هُوَ الْجَسَد هُوَ اتحادها لَهُ هيكلا ومحلا وتدبيرها الْأَشْيَاء عَلَيْهِ وظهورها فِيهِ دون غَيره
وَاخْتلفُوا فِي معنى ظُهُور الْكَلِمَة فِي الهيكل وادراعها لَهُ وَإِظْهَار التَّدْبِير عَلَيْهِ فَقَالَ أَكْثَرهم معنى ذَلِك أَنَّهَا حلته ومازجته واختلطت بِهِ اخْتِلَاط الْخمر وَاللَّبن بِالْمَاءِ عِنْد امتزاجهما
وَقَالَ قوم مِنْهُم إِن ظُهُور الْكَلِمَة فِي الْجَسَد واتحادها بِهِ لَيْسَ على معنى المزاج والاختلاط وَلَكِن على سَبِيل ظُهُور صُورَة الْإِنْسَان فِي الْمرْآة والأجسام الصقيلة النقية عِنْد مقابلتها من غير حُلُول صُورَة الْإِنْسَان فِي الْمرْآة وكظهور نقش الْخَاتم وكل طَابع فِي الشمع والطين وكل ذِي قَابل للطبع من الْأَجْسَام من غير حُلُول نقس الْخَاتم والرسم فِي الشمع والطين وَالتُّرَاب
وَقَالَ بَعضهم أَقُول إِن الْكَلِمَة اتّحدت بجسد الْمَسِيح ﵇ على معنى أَنَّهَا حلته من غير مماسة وَلَا ممازجة وَلَا مُخَالطَة كَمَا أَقُول أَن الله سُبْحَانَهُ حَال فِي السَّمَاء وَلَيْسَ بمماس لَهَا وَلَا مخالط
1 / 108