ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية

نقولا التركي ت. 1243 هجري
50

ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية

تصانيف

قد أثبت ذلك للورد كايط جام أستونسون قبطان مركب إنكليز.

نحن قد أثبتنا جميع الشروط الواقعة في هذا الاتفاق لأجل حلو مصر وتسليمها للباب العالي المشيد يوسف باشا وزير الختام.

ونحن قد شهدنا وأثبتنا جميع هذا الاتفاق الواقع في هذه الشروط لأجل حلو مصر حسين قبطان باشا.

لقد ثبت وتحقق هذه الشروط في مسيدور سنة 9 للمشيخة الجنرال فاريون بليار.

قد طبعت في مطبعة الفرنساوية بمصر.

ومن بعد تمام تلك الشروط شرع الجنرال بليار بتخلية مدينة مصر، وخروج العساكر منها إلى قصر العيني وإلى الجيزة، وتهيأ للخروج معه الجنرال يعقوب وأتباعه، والجنرال برتولمي كومندان بني الروم مع عساكر الأروام، والكومندان يوسف الحموي وأتباعه المعينون من شفا عمر وأرض عكا، وعبد العالي أغة الإنكشارية، وجميعهم خشون الإقامة في الديار المصرية بعد خروج الفرنساوية، وتهيأ معهم عدة أنفار من عام الناس، ونساء كثيرات من الإسلام كن متزوجات للفرنساوية، واستعدوا للسفر معهم.

وقبل خروجهم الجنرال بليار أقام جسد كليبر من المحل الموضوع به بتابوت رصاص، فأمر بنقل التابوت للجيزة باحتفال عظيم ومحفل جسيم، وضربوا مدافع كثيرة، وأمر بتنزيل جثة سليمان القاتل مع الثلاثة رءوس أرفاقه لأنهم كانوا محنطين ومصبرين، فأنزلوهم بحقارة للجيزة لأخذهم لفرنسا، ثم إن بعد الاثني عشر يوما المعينة لخروجهم من مصر إلى الجيزة بعد تجهيز كامل ما يلزم للجمهور الفرنساوي نهض بليار في العساكر الفرنساوية من القاهرة إلى الجيزة في 28 صفر سنة 1216، وخليت مصر من الفرنساوية، ودخلت عساكر الوزير للمدينة، وكان فرح لا يوصف عند الإسلام، وغم عظيم عند من كان من طرف الفرنساوية خاص وعام، وتخبت النصارى واليهود في منازلهم، وكانت العساكر الإسلامية أي من وجدوه يعيروه بعدما يهينوه، وعندما بلغ الصدر الأعظم أحوال العساكر، أرسل أغة الإنكشارية أطلق التنبيه بالمدينة على الأمان وعدم معارضة الرعية، ورفع الظلم والعدوان، وفرق الظابتان على جميع الحارات وفي الشوارع والمحلات.

هذا والعسكر الفرنساوي لم يزل مقيم في بر الجيزة لحينما تتجهز لهم المراكب لحمل أثقالهم لأبو قير، ومن بعد أربعة أيام من دخولهم إلى الجيزة تحضرت لهم المراكب، فأشحنوا بها من الأثقال والأمتعة والنساء والأولاد وجميع الذين لا يقدرون على المسير في البر، وساروا برا وبحرا، وسارت أمامهم عساكر الإنكليز، ومن وراهم حسين باشا بعساكره وهم في وسط الفريقين، وساروا أربعة عشر يوما من الجيزة إلى قرب رشيد، ومكثوا هناك بينما تتجهز لهم الذخاير والمراكب فتجهزت، وسافروا من أبو قير في غاية ربيع الأول سنة 1216 طالبين فرنسا، وكانت الإنكليز حينما خرجت الفرنساوية من مدينة الجيزة تسلموها وجعلوها محلا لعساكرهم، ومن بعد سفر الفرنساوية بثمانية أيام مرض الجنرال يعقوب القبطي ومات. فهذا ما كان من بليار.

وأما أمير الجيوش منو والفرنساوية الذين بمدينة الإسكندرية؛ فأبوا الصلح والتسليم وأنهم لا يخرجون منها إلا بعد حرب عظيم، وكان بعد خروج الفرنساوية من مصر ودخول عساكر الإسلام دخل وزير الختام وحسين باشا قبطان بمحافل عظيمة، ودخل صحبتهم إبراهيم باشا المحصل والي حلب، وإبراهيم باشا والي ديار بكر، ومحمد باشا أبو مرق، وطاهر باشا أرناوط، وأغاوات الإنكشارية، ورجال من الدولة العلية، ومن أمراء مصر إبراهيم بيك الكبير، وولده مرزوق بيك، وعثمان بيك الطنبورجي، وعثمان بيك البرديسي، والألفي، ومحمد بيك المنفوخ، ومراد بيك الصغير، وعثمان بيك الأشقار، وسليم بيك أبو دياب، وعلي بيك، وأيوب بيك، وعدة كشاف.

وكان يوما عظيما ، وخرجت لمقابلتهم علماء مصر وأعيانها وكافة أعوامها وسكانها، وانتشرت الأعلام وانسرت الأنام، وفرحت الإسلام بخروج الإفرنج الليام، وصاحت المسلمون: ما هذا إلا نصرا من الله وفتحا، وهاجوا هياجا عظيما على النصارى، وقدموا عروضات إلى الوزير في قتلهم ونهبهم وسلبهم، فلم يصغ ذلك العادل لبغيهم ووشيهم، ولم يلتفت لفسادهم ومكرهم، وأصدر فرمان خطابا لساير الحكام والقضاة بأن لا يقبلوا دواعي التي حدثت بأيام الفرنساوية في الإيالة المصرية جزئية كانت أم كلية، ولم يرتض هذا الصدر النبيل أن يلتفت إلى هذا القال والقيل، بل سلك مع الرعايا سلوك الملوك العادلين والسلاطين الأقدمين، وترك الانتقام لله الملك العلام، وكان يساقا ثانيا بالأمانة إلى مصر الكنانة، وابتهجت مصر بزمانه من شيمه وعزيز أمانه، وكثر البيع والشرا وعمرت المدن والقرى، وربحت التجار وتوادرت من ساير الأقطار، وفرحت الخلق طرا ونارت به مصر، وأنشدت بذلك شعرا وهو هذا:

صفحة غير معروفة