118

تعليقة على العلل لابن أبي حاتم

محقق

سامي بن محمد بن جاد الله

الناشر

أضواء السلف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هجري

مكان النشر

الرياض

وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: فَزَعَمَ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَيْسَتْ بِحَمْنَةَ.
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ، ثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، فَذَكَرَهُ.
قَالَ: وَحَدِيثُ ابْنُ عُقَيْلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رُبَّمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: (حَبِيبَةُ بِنْتُ جَحْشٍ) وَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ، كَذَلِكَ قَالَهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ سِوَاهُ.
وَحَدِيثُ ابْنُ عُقَيْلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعْتَادَةِ إِلا أَنَّهَا شَكَّتْ، فَأَمَرَهَا إِنْ كَانَ سِتًّا أَنْ تَتْرُكَهَا سِتًّا، وَإِنْ كَانَ سَبْعًا أَنْ تَتْرُكَهَا سَبْعًا، وَالْمُبْتَدَأَةُ تَرْجِعُ إِلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ؛ وَيُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ، فَتَرْجِعُ إِلَى الأَغْلَبِ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ.
وَحَمْلُهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الْمُعْتَادَةِ الشَّاكَّةِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَدَأَةِ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّاسِيَةِ الَّتِي لا عَادَةَ لَهَا وَلا تَمْيِيزَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَسْتَفْصِلْ حَمْنَةَ: هَلْ هِيَ مُبْتَدَأَةٌ أَوْ نَاسِيَةُ؟ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا نَاسِيَةً أَكْثَرُ، فَإِنَّ حَمْنَةَ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يَسَلْهَا النَّبِيُّ ﷺ عَنْ تَمْيِيزِهَا، لأَنَّهُ قَدْ جَرَى فِي كَلامِهَا مِنْ تَكْثِيرِ الدَّمِ وَصِفَتِهِ مَا أَغْنَى عَنِ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهَا: هَلْ لَهَا عَادَةٌ؟ فَيَرُدَّهَا إِلَيْهَا، لاسْتِغْنَائِهِ عَنْ ذَلِكَ بِعِلْمِهَا إِيَّاهُ، إِذْ كَانَ مُشْتَهِرًا عَنْهُ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ أُخْتَهَا أُمَّ حَبِيبَةَ، فَلَمْ يَكُنْ

1 / 122