«إنّ ماء مصر أشدّ عذوبة وحلاوة وبياضا من سائر أنهار الإسلام (^١)»، فإذا كان كما قال فماء إقليم قوص أجمع لهذه الصفات؛ سألت الحكيم الفاضل السّديد الدّمياطىّ عن ماء قوص كم بينه وبين ماء مصر فى التفاوت؟ فقال: «انتهيت فى السفر فى الوجه القبلىّ إلى «هو»، وبين مائها وماء مصر كماء بسكّر وماء صرف»، فإذا تأملت ماء أسوان كان بينه وبين ماء «هو» فرق ظاهر، وفيه من الحسن شدة برده فى الصيف بحيث يصير كأنّه ماء فيه ثلج، وفيه يوجد «السقنقور (^٢)» الحيوانىّ. ولا يوجد بغير النيل، ويختصّ بالصعيد، كذا ذكره ابن حوقل (^٣).
ومن محاسنه كثرة نخيله وأشجاره على شاطئ النيل من الجانبين الشرقىّ والغربىّ، يشقّ بينهما مسافة سبعة أيام، لا يخلو منها إلّا القليل، والذى أظنّه أنّ مساحة الأراضى التى فيها النخيل والبساتين تقارب عشرين ألف فدان، وقد ذكروا أنّ «أسنا» فى
_________
(^١) يقول ابن حوقل:
«وهو نهر يكون عند امتداده أكبر من دجلة والفرات إذا اجتمعا، وماؤه أشد عذوبة وحلاوة وبياضا من سائر أنهار الإسلام»، انظر: صورة الأرض ١/ ١٤٨، وانظر أيضا فيما يتعلق بمزايا ماء النيل: حسن المحاضرة ٢/ ١٩٠.
(^٢) يقول الغسانى:
«السقنقور: حيوان شبيه بالورل، يوجد فى الرمال التى تلى نيل مصر، وأكثر ذلك يوجد فى نواحى مصر الصعيد، وهو مما يسعى فى البر ويدخل فى ماء النيل، ولذلك قيل إنه الورل المائى»؛ انظر: المعتمد/ ١٦٠، وانظر أيضا ما كتبه الجاحظ فى الحيوان ٦/ ٥٧، و٧/ ١١٨ و١٦٩ و٢٢٢، وانظر كذلك الإصطخرى/ ٥٠، والإفادة والاعتبار لعبد اللطيف البغدادى/ ٣٣، ونخبة الدهر لشيخ الربوة/ ٩١، وحياة الحيوان للدميرى ٢/ ٢٧، وتذكرة داود ١/ ٣٧٩.
ويقول الأستاذ أمين المعلوف:
«سقنقور وإسقنقور: يونانية مصرية: نوع من العظاء، أكبر من السحلية وأضخم قصير الذنب، وهو مشهور ومعروف بهذا الاسم، وقد كان مستعملا فى الطب القديم عند اليونان والعرب»، انظر: معجم الحيوان/ ٢١٩.
(^٣) يقول ابن حوقل:
«ويتعالج بشحم السقنقور- ولا يكون بمكان إلا فى النيل من حد أسوان، أو بنهر مهران من أرض الهند والسند»، انظر: صورة الأرض ١/ ١٥٠
1 / 25