1 البقرة: 48 ص -54- ... حره لترمض قوائمه فتتفسخ فيقف فتأخذه سمي به الشهر لأن المؤمن يؤمر بالصوم والقيام فيجوع ويعطش بالنهار ويتعب ويسهر بالليل فيعجز فيقف عن اتباع الشهوات وطلب اللذات فيخلص لله تعالى ولذلك قال: "الصوم لي وأنا أجزي به" فإن الصيام يخلص لي كما يخلص ذلك الظبي للصائد إذا انقطع سعيه وظهر عجزه.
وقوله عليه السلام: "رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له" أي لصق بالرغام بفتح الراء وهو التراب والرمل اللين وهو دعاء سوء كأنه قال كبه الله وأذله وفي بعض الروايات: "من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله" قيل معناه أهلكه الله من قولك بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حد علم أي هلك قال الله تعالى: {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}1.
وقيل معناه بعده الله من رحمته وكرامته من البعد الذي هو ضد القرب وقد بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حد شرف.
فإن قالوا كيف دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الثلاثة دعاء السوء وقد أرسل رحمة للعالمين وكان يدعو لعصاة أمته في جميع مدته ويبشر أهل الكبائر بشفاعته؟.
قلنا عنه جوابان أحدهما يشتمل الروايتين والثاني يخص الرواية الثانية.
أما الأول فإنما قال ذلك موافقة لجبريل عليه السلام: في الحال وقد تدارك ذلك بما كان دعا قبل ذلك ربه أن يستجيب مثل هذا الدعاء في أهله بالخير على ما روي أنه عليه السلام قال: "إني عاهدت ربي وقلت يا رب إني بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما عبد مسلم سببته أو لعنته في حال غضبي فاجعل ذلك رحمة له وكرامة فأجابني إلى ذلك".
وأما الجواب الثاني في الرواية الثانية وهو قوله عليه السلام: "فأبعده
1هود: 95.
صفحة ٤٦