قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

نجل ابن عابدين ت. 1306 هجري
5

قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

الْخَمْرَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ زَادَ فَسَكِرَ حُدَّ) وَكَذَا لَوْ رَوِيَ ثُمَّ شَرِبَ حُدَّ. مُجْتَبَى. فَأَفَادَ أَنَّ السُّكْرَ غَيْرُ قَيْدٍ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الضَّرُورَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنْ شَرِبَ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيهِ وَزِيَادَةً وَلَمْ يُسْكِرْهُ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْحَدُّ، كَمَا لَوْ شَرِبَ هَذَا الْقَدْرَ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَسْكَرْ. قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ شَارِبُهَا إلَخْ) فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ (شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ): لَوْ خَلَطَهَا بِالْمَاءِ: إنْ الْمَاءُ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا حُدَّ، وَإِنْ أَغْلَبَ فَلَا إلَّا إذَا سكر اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْقُدُورِيِّ: إذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَيْهَا حَتَّى زَالَ طَعْمُهَا وَرِيحُهَا فَلَا حَدَّ. ثمَّ قَالَ: وَإِذا ثرد فِيهَا خبْزًا وَأكله وَإِن وَجَدَ الطَّعْمَ وَاللَّوْنَ حُدَّ، وَمَا لَا لَوْنَ لَهَا يُحَدُّ إنْ وَجَدَ الطَّعْمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الطَّبْخُ) أَيْ فِي زَوَالِ الْحُرْمَةِ بِقَرِينَةِ الِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ) نَقله ف ي الْعِنَايَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: يُحَدُّ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِالنَّصِّ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ التَّتِمَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْعِرْقِ الْمُسْتَقْطَرِ مِنْ فَضَلَاتِ الْخَمْرِ، فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ مِنْ شُرْبِ قَلِيلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ أَمَّا نَجَاسَتُهُ فَغَلِيظَةٌ كَأَصْلِهِ، لَكِنْ لَيْسَ كَحُرْمَةِ الْخَمْرِ لِعَدَمِ إكْفَارِ مُسْتَحِلِّهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَقَوْلُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا: لَا حَدَّ بِهِ بِلَا سُكْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ. تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ: وَالطَّبْخُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا لِأَنَّهُ لِلْمَنْعِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لَا لِرَفْعِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا، إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِيهِ مَا لَمْ يَسْكَرْ مِنْهُ على مَا قَالُوا، لَان الْحَد فِي النئ خَاصَّةً لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْمَطْبُوخِ. ذَكَرَهُ فِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَبِهِ يَظْهَرُ لَك ضَعْفُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: خَمْرٌ طُبِخَتْ وَزَالَتْ مَرَارَتُهَا حَلَّتْ، وَضَعْفُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَنْ (شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ): لَوْ صَبَّ فِيهَا سُكَّرًا أَوْ فانيدا حَتَّى صَارَ حُلْوًا حَلَّ، وَتَحِلُّ بِزَوَالِ الْمَرَارَةِ، وَعِنْدَهُمَا بِقَلِيل الحموضة اهـ مُلَخَّصًا. أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الطَّبْخَ لَا يَرْفَعُ الْحُرْمَةَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ لَا إشَارَةً إلَى عَدَمِ الْحَدِّ، لِأَنَّ لَفْظَهُ قَالُوا تُذْكَرُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا قَالُوا يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ التَّبَرِّي وَالتَّضْعِيفَ، لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ بِهِ ضَعْفُ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى هُوَ الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ بِلَا خِلَافٍ، لَا الثَّانِي الْمُشَارُ إلَى ضَعْفِهِ، فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ كَلَامٌ لِابْنِ الشِّحْنَةِ) أَيْ فِي التَّضْعِيفِ الْمَفْهُومِ مِنْ ضَعْفِ وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: مُرَادُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ أَنَّهَا تَحِلُّ إذَا زَالَتْ عَنْهَا أَوْصَافُ الْخَمْرِيَّةِ، وَهِيَ الْمَرَارَةُ وَالْإِسْكَارُ لِتَحَقُّقِ انْقِلَابِ الْعَيْنِ، كَمَا لَوْ انْقَلَبَتْ خَلًّا، وَمُرَادُ الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِالطَّبْخِ حَيْثُ كَانَتْ عَلَى أَوْصَافِ الْخَمْرِيَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ مِنْ الِانْقِلَابِ وَالِاسْتِحَالَةِ، وَكَوْنُ النَّارِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي إثْبَاتِ الْحِلِّ لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الِانْقِلَابُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلنَّارِيَّةِ اهـ. أَقُول: وَلَو يُعَوِّلْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، لِأَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ لِعَيْنِهَا، وَلَا نُسَلِّمُ انْقِلَابَ الْعَيْنِ بِهَذَا الطَّبْخِ، وَلِذَا لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْهَا فِي الْمَاءِ الْغَيْرِ الْجَارِي أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ نَجَّسَتْهُ، وَإِنْ اُسْتُهْلِكَتْ فِيهِ وَصَارَ مَاءً، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ فِي قِدْرِ الطَّعَامِ نَجَّسَتْهُ، وَإِنْ

7 / 5