أخذ المال على أعمال القرب
الناشر
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
تصانيف
الصندوق الخيري لنشر البحوث والرسائل العلمية
(٣)
الدراسات الفقهية
(٣)
أخذ المال على أعمال القُرَب
تَأليف
عَادِل شَاهِيْن محمَّد شَاهِيْن
الجُزْءُ الأَوَّلُ
كُنُوزْ إشْبِيْليَا
للنشر والتوزيع
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أصل هذا الكتاب رسالة ماجستير قدمت إلى قسم الفقه بكلية الشّريعة، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية بالرياض، وتكونت لجنة المناقشة من:
فضيلة الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش ... رئيسًا
فضيلة الدكتور/ إبراهيم بن عبد العزيز الغصن ... عضوًا
فضيلة الدكتور/ صبري السعداوي مبارك ... عضوًا
ونال بها الباحث درجة الماجستير بتقدير ممتاز.
1 / 2
أخذ المال على أعمال القُرَب
1 / 3
ح دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، ١٤٢٤هـ
فهرسة مكتَبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
شاهين، عادل بن شاهين محمّد
أخذ المال على أعمال القرب./ عادل بن شاهين بن محمّد شاهين -
الرياض ١٤٣٤ هـ
٨٤٠ ص؛ ١٧ × ٣٤ سم
ردمك: ٩ - ٦ - ٩٤٦١ - ٩٦٠ (مجموعة)
٧ - ٧ - ٩٤٦١ - ٩٦٠ (ج ١)
١ - المعاملات (فقه إسلامي)
ديوي ٢٥٣
أ- العنوان
٤٧٦٣/ ١٤٣٤
رقم الإيداع: ٤٧٦٣/ ١٤٢٤
رمك:٩ - ٦ - ٩٤٦١ - ٩٦٠ (مجموعة)
٧ - ٧ - ٩٤٦١ - ٩٦٠ (ج ١)
مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحى الخيرية
Sulaiman bin Abdul Aziz Al Rajhi ChARITABLE FOUNDATION
جَميْع الحقُوق مَحفُوظَة
الطَّبْعةُ الأولى
١٤٢٥ هـ -٢٠٠٤ م
دار كُنُوزْ إشْبِيْليَا للنشر والتوزيع
المملكة العربيّة السعودية ص. ب ١٣٣٧١ الرياض ١١٤٩٣
هاتف. ٤٧٤٢٤٥٨ - ٤٧٧٣٩٥٩ - ٢٩١٠٧٠٤ فاكس: ٤٧٨٧١٤٠
E-MAIL:eshbelia@hotmail.com
1 / 4
مقدّمَة
إنَّ الحمد لله، نحمَدُهُ ونستعينهُ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]. ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّساء:١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]
أمّا بعد (١):
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمّد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النّار.
أمّا بعد:
فإنَّ الله ﵎ قد امتنّ على هذه الأُمَّة بمنن كثيرة وجليلة، أعظم هذه المنن: دين الإسلام، الّذي جعله الله ﵎ خاتم الأديان، لا يقبل من أحد
_________
(١) هذه خطبة الحاجة الّتي كان رسول الله ﷺ يعلمها أصحابه، وقد كان السلف رحمهم الله تعالى يقدمونها بين يدي دروسهم وخطبهم وكتبهم: أخرجها أبو داود، كتاب النِّكاح، باب في خِطبة النِّكاح: ٢/ ٢٣٨ (٢١١٨)، والنسالْي، كتاب الجمعة، باب كيفية الخُطبة: ٣/ ١١٦ (١٤٠٣)، وهي صحيحة ثابتة، قام بجمع طرقها وتخريجها العلّامة الألباني في رسالته (خطبة الحاجة)، طبع المكتب الإسلامي بيروت سنة ١٣٩٧ هـ، وقام بشرحها الشّيخ سليم الهلالي في كتابه (شرح خطبة الحاجة) دار الأضحى- عَمان سنة ١٤٠٩ هـ
1 / 5
سواه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥].
أرسل به خاتم النببين وأفضلَهم محمدا ﷺ، فكانت بعثتُهُ مِنَّةً أخرى على المؤمنين، قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: ١٦٤].
جعل الله تعالى اتباعه فرضًا لازمًا، والتأسي به فوزًا وسعادةً في الدارين، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦].
وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].
فكان أسعد النَّاس باتباعه والتأسي به هم أهل العلم، من العلماء العاملين، والأئمة الربانيين، الذين اختصهم الله تعالى من بين عباده بخشيته، فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨]. ثمّ أمر سائر النَّاس بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣، الأنبياء: ١٧، وجعل علامة زيغهم وضلالهم ذهاب علمائهم، واتخاذهم الرؤوس من جُهَّالهم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إنَّ الله لايقبضُ العلّمَ انتزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يُبق عالمًا اتخذ النّاسُ رؤُوسًا جهالًا فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) (١).
_________
(١) أخرجه البخاريّ: كتاب العلم، باب كليف يقبض العلم: ١/ ٢٣٤ (١٠٠)، ومسلم: كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه: ٤/ ٢٠٥٨ (٢٦٧٣).
1 / 6
ومن أجل ذلك كان الفقه في الدِّين من أجل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، ومن وفقه الله إلى التفقه في الدِّين فقد أراد به الخير، كما جاء في حديث معاوية بن أبي سفيان ﵁ قال: سمعت النّبيّ ﷺ يقول: (من يردّ الله به خيرًا يفقهه في الدِّين) (١).
وإن من أشرفِ العلوم جمعًا، وأعظمِها خيرًا ونفعًا، علمَ الفقه، أو الفقه الإسلامي، فعظمة هذا العلم وشرفه تجل عن الوصف والإحاطة؛ ذلك أنّه أحكام تساير المسلم، وتلازمه في عموم مسالك حياته، سواء أكان ذلك فيما بينه وبين ربه ﵎، أم فيما بينه وبين عباد الله تعالى.
ولقد منَّ الله عليّ وهو الكريم المنَّان، حين يسر لي القدوم إلى هذا البلد الكريم، الطيب أهله، وشرفني أعظم تشريف حين يسر لي الانتساب إلى جامعة إسلامية عظيمة، ألَّا وهي جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، الّتي يشرف ويعتز كلّ طالب علم بالانتساب إليها، وقد نهلت من معين هذه الجامعة الّذي لا ينضب حين وفقني الله - عزَّ جلَّ -، للدراسة في كلية الشّريعة بالرياض - قسم الشّريعة -، فأنّهيت المرحلة الجامعية بتقدير (ممتاز)، ثمّ يسر الله ﷿ التحاقي بالدراسات العلّيا، فأنّهيت السنة التمهيدية بتوفيق من الله تعالى، وبادرت البحثَ عن موضوع يصلح للتسجيل في درجة الماجستير في الفقه الإسلامي، فيسر الله ﷾ هذا الموضوع، وهو:
[أخذ المال على أعمال القُرب]
أمّا أهمية هذا الموضوع وسبب اختياره، والخطة الّتي سرت عليها، والمنهج المتبع في دراسة مسالْل البحث، وما يتبع ذلك، فيتضح في النقاط التالية:
_________
(١) أخرجه البخاريّ: كتاب العلم، باب من يردّ الله به خيرًا يفقهه في الدِّين: ١/ ١٩٧ (٧١)، ومسلم: كتاب الزَّكاة، باب النّهي عن المسألة: ٢/ ٧١٨ (١٠٣٧).
1 / 7
أوَّلًا: أهمية الموضوع:
ترجع أهمية هذا الموضوع لما يأتي:
١ - إنَّ هذا الموضوع يتعلّق بجانب مهم وخطير في حياة المسلم، بل ومن أهم الجوانب في حياته، ألَّا وهو: علاقته بربه في عبادته إياه، وتقربه إليه، بالعبادات العملية، والمعاملات والولايات الشرعية، فكان لابد من دراسة هذا الجانب، وبيانه حتّى يكون المسلم على بصيرة من أمره في تقربه إلى ربه.
٢ - إنَّ هذا الموضوع يمسُّ كافة أفراد المجتمع، فهو يتعلّق بعباداتهم، ومعاملاتهم، وأهم ولاياتهم الشرعية، فهو يهم كلّ مسلم، فالحاجة إلى معرفة فقه هذا الموضوع عامة.
٣ - كثرة وقوع مسائل هذا الموضوع ودورانها في حياة المسلم، حيث نرى كثيرًا من العبادات والمعاملات والولايات الشرعية يؤخذ عليها الأعواض، فكان لابد من معرفة حكم هذه الأعواض على هذه القُرب.
ثانيًا: أسباب اختيارالموضوع:
يعود اختيار هذا الموضوع في مجمله إلى الأسباب التالية:
١ - أهمية هذا الموضوع، وقد سبق بيأنّها.
٢ - أن هذا الموضوع لم يسبق بحثه ولا جمعه على هذه الصورة - فيما أعلم -، وإنّما بحث الفقهاء جزئيات هذا الموضوع بحثًا مجملًا ثمّ بحثت بعض جوانبه من خلال بعض المؤلِّفات والرسائل العلمية، فجاءت هذه الرسالة لتجمع شتات هذا الموضوع في مكان واحد مع التوسع في دراسته، وترتيبه، والتفصيل فيه، وبيان الراجح في مسائله، وهذا ممّا يعود بالفائدة الكبرى على الباحث أوَّلًا، وعلى عموم المسلمين ثانيًا.
1 / 8
٣ - أن هذا الموضوع يمتاز بالشمولية، حيث شَمِلَ جُلَّ أبواب الفقه الإسلامي من عبادات ومعاملات وولايات شرعية، ممّا يمكّن الباحث من المرور بمعظم أبواب الفقه، ومسائله، وهذا ممّا يعود عليه بالفائدة الكبرى من حيث التحصيل العلّمي، والوقوف على نظام الفقه الإسلامي الشامخ.
٤ - كثرة النوازل الّتي وقعت في هذا العصر، والتي يتوقف معرفة الحكم فيها على معرفة الحكم في مسائل هذا البحث، فهذا البحث يعد تأصيلًا لتلك النوازل، وقاعدة يتبين من خلالها معرفة حكم هذه النوازل، كما هو الحال في غالب أعمال المصارف، أو ما يسمى بالبنوك.
٥ - تساهل كثير من المسلمين في هذا الجانب، وعدم مبالاتهم بمعرفة الحكم الشرعي في كثير من القرب من حيث أخذ العوض عليها، وقد يكون ذلك محرمًا، حتّى أضحى هذا الأمر كأنّه مجمع على جوازه لايجوز إنكاره، ولا الخوض فيه، إمّا لطول العهد بذلك، وإما لغلبة الشهوة، وحب المال، والحرص عليه، وجمعه من حلِّه ومن غير حلِّه، ممّا استدعى ذلك بحث كافة هذه القربات من حيث حكم أخذ العوض عليها، فيتضح ما يجوز من ذلك وما لايجوز.
ثالثًا: الدراسات السابقة حول الموضوع:
لقد كتبت حول هذا الموضوع بعض الكتب، والبحوث، تناولت بعض جوانب هذا الموضوع، وقد وقفت عليها، واستفدت من معظمها، فجزى الله تعالى أصحابها خيرًا، فبعض هذه المؤلِّفات وقفت عليها قبل تسجيل الموضوع، وقد ذكرتها في خطة البحث أثناء تسجيل الموضوع، والبعض الآخر وقفت عليه حين شارفت على الانتهاء من كتابة هذا البحث، ومن هذه المؤلِّفات:
١ - إقامة الدّليل والبرهان على تحريم الأجر على تلاوة القرآن: لفضيلة الشّيخ العلّامة محمّد بن عبد العزيز المانع (يرحمه الله تعالى) وهو كتيب صغير. وكما هو
1 / 9
ظاهر من عنوانه، فقد تناول مسألة واحدة، حيث جاء جوابًا على سؤال حول حكم الأجرة على تلاوة القرآن.
٢ - تيسير العلّيم في أخذ الأجر على القرآن والتعليم: لعصام بن مرعي؛ تعرض فيه مؤلِّفه لمسألة أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلّم الشرعي.
وقد اجتهد مؤلِّفُه في سرد بعض الروايات الحديثية المتعلّقة بالمسألة، واجتهد كذلك في نقل كلام العلماء حولها.
٣ - القربات إهداؤها إلى الموتى والاستئجار عليها: للدكتور حسين عبد المجيد حسين أبو العلّا، وهو بحث صغير، كان الغرض من تأليفه بيان ما ينفع الميِّت في قبره، فجاء نصفه في مسألة: (هبة الثّواب)، ثمّ تكلم على بعض مسائل الموت، ثمّ ختم البحث بالكلام على إلاستئجار على بعض القرب على سبيل الإجمال.
٤ - أخذ الأجرة على أعمال الطاعات والمعاصي: للدكتور عبد الله بن محمّد الطريقي، وهو كتاب متوسط الحجم، تعرض فيه المؤلِّف لمسألة الإجارة على الطاعات في حوالي (١٠٠) صفحة تقريبًا. تكلم فيه عن حكم الإجارة على بعض الطاعات، وبعض الولايات الشرعية، إِلَّا أنّه أجمل القول فيه جدًا، ووصل الحال في بعض المسائل إلى حدّ الإضمار الشديد، والكتاب مفيد في بابه، فجزى الله مؤلفه خيرًا.
٥ - الاستئجار على فعل القربات الشرعية: لمؤلفه/ علي عبد الله حسن أبو يحيى، وهو كتاب مطبوع سنة ١٤١٨ هـ، كتب عليه: رسالة ماجستير بإشراف الدكتور/ عمر سليمان الأشقر. جاء الكتاب في حوالى (٢٠٠) صفحة تقريبًا، هو على صغره، وعدم استيعابه جيد في بابه، إِلَّا أن مؤلفه لم يتعرض لتأصيل الموضوع، وكذلك لم يتعرض لكثير من المسائل ومن ذلك كلّ مسائل المعاملات الشرعية وتطبيقاته المعاصرة، وكثيرٍ من مسائل العبادات وخاصة مباحث النِّيابة التي
1 / 10
ينبني عليها حكم أخذ المال على هذه العبادات، وكذلك كثير من مسائل الولايات الشرعية، وإنّما تناول المسائل المشهورة في بعض الأبواب.
٦ - الإجارة على الأعمال الدينية: لمؤلفه/ مصطفى رشاد عزمي عبد الخالق، وهو عبارة عن رسالة ماجستير، من كلية الشّريعة، جامعة الأزهر بالقاهرة، نبهني إليها فضيلة المشرف - حفظه الله - حين قمت بإحضار فهارس الرسائل العلمية من كلية الشّريعة بالأزهر، وعندما يسر الله لي السَّفر إلى القاهرة قمت بالاطلاع عليها، فوجدتها مثل الكتاب الّذي سبق الحديث عنه آنفًا من حيث الكم والكيف إِلَّا أنّها دونه في الجودة. ولعلّ الجديد في بحثي هذا، كما هو ملموس من خلال المقارنة بين مسائله كمًا وكيفًا، وبين ما ذكرته عن الدراسات السابقة في موضوعه يظهر فيما يأتي:
١ - أنّه قدم دراسة متكاملة عن جلّ مسائل القُرب الموجودة في أبواب الفقه الإسلامي، إنَّ لم تكن كلها فيما بلغه ظني.
٢ - أنّه انفرد بمسائل كثيرة جدًا لم يتعرض لها أحد في الدراسات السابقة، ومن ذلك على سبيل المثال: الكلام عن المال والقرب بتفصيل واستيعاب، وكذلك ما يتعلّق بالقرب في أبواب المعاملات، وبخاصة عقود الإرفاق والإحسان، وتطبيقاتها المعاصرة في البنوك، أو المصارف، وكذلك بحث مسائل النِّيابة في العبادات بتفصيل، حيث إنها أصل هذا الباب من ناحية جواز أخذ العوض على هذه العبادات، أو عدم الجواز، وغير ذلك من المسائل الّتي تظهر من خلال الاطلاع على مسائل هذا البحث.
٣ - التفصيل الدقيق في مسائل كلّ باب - في الغالب -، وبخاصة باب العبادات ومحاولة حصر كلّ المسائل المتعلّقة بكل عبادة من العبادات، وبيان القول فيها.
1 / 11
٤ - التّحرِّي الشديد في نسبة الأقوال إلى قائليها، وفي نسبة المذاهب إلى أصحابها، وهذا من أكثر ما اعتنيت به في هذه الرسالة عناية فائقة، وبذلت في ذلك ما استطعته من وسع وطاقة.
وأحسب أنّه إذا أضيف إلى ما ذكر، ما سيأتي، من دراسة في الباب التمهيدي، عن المال المأخوذ على القرب، وكذلك مفهوم القربة وأقسامها، وما تبع ذلك من تأصيل لهذا الموضوع، فإن ذلك قد يعطي دراسة متكاملة، أو تكاد عن القرب، وحكم أخذ المال عليها، ممّا قد يشكل - بمفهوم فقهاء العصر- نظرية متكاملة عن القرب، وما يتعلّق بها من أحكام، أو على أقل الأحوال يمهد الطريق لذلك، والله تعالى أعلم.
رابعًا: خطة البحث:
قمت بتقسيم مادة هذا البحث إلى مقدمة، وتمهيد، وبابين، وخاتمة، وهي إجمالًا على النحو التالي:
المقدِّمة
وهي تشتمل على ما يأتي:
أوَّلًا: أهمية الموضوع.
ثانيًا: أسباب اختياره.
ثالثًا: الدراسات السابقة حول الموضوع.
رابعًا: خطة البحث.
خامسًا: المنهج الّذي سرت عليه في هذا البحث.
سادسًا: الصعوبات الّتي عرضت أثناء البحث.
سابعًا: الشكر والتقدير.
1 / 12
التمهيد في حقيقة المال والقرب وما يتعلّق بهما
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأوّل: حقيقة المال وما يتعلّق به.
المبحث الثّاني: حقيقة القرب وما يتعلّق بها.
الباب الأوّل أخذ المال على العبادات
ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأوّل: أخذ المال على الصّلاة وما يتعلّق بها
وتحته خمسة مباحث:
المبحث الأوّل: أخذ المال على الصّلاة عن الغير.
المبحث الثّاني: أخذ المال على الأذان والإقامة.
المبحث الثّالث: أخذ المال على الإمامة والخطابة.
المبحث الرّابع: أخذ المال على عمارة المساجد وصيانتها.
المبحث الخامس: أخذ المال على الجنازة (تجهيز الميِّت ودفنه).
الفصل الثّاني: أخذ المال على الزَّكاة والصيام
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأوّل: أخذ المال على الزَّكاة
المبحث الثّاني: أخذ المال على الصِّيام
وتحته مطلبان:
المطلب الأوّل: أخذ المال على الصِّيام عن العاجز.
المطلب الثّاني: أخذ المال على الصِّيام عن الميِّت.
1 / 13
المبحث الثّالث: أخذ المال على الاعتكاف
وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: أخذ المال على الاعتكاف عن الحي
المطلب الثّاني. أخذ المال على الاعتكاف عن اليت
الفصل الثّالث: أخذ المال على الحجِّ والعمرة
وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأوّل: النِّيابة في الحجِّ والعمرة عن الحي
وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: النِّيابة في الحجِّ الواجب
المطلب الثّاني: النِّيابة في حج التطوع
المبحث الثّاني: النِّيابة في الحجِّ والعمرة عن الميِّت
وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: النِّيابة عن الميِّت في الحجِّ الواجب
المطلب الثّاني: النِّيابة عن الميِّت في حج التطوع
المبحث الثّالث: أنواع المال المأخوذ على الحجِّ والعمرة
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأوّل: النفقة وما في حكمها
المطلب الثّاني: الجعالة
المطلب الثّالث: الإجارة
المبحث الرّابع: أخذ المال على ذبح الهدي والأضاحي ونحوهما
وتحته مطلبان:
المطلب الأوّل: النِّيابة في ذبح الهدي والأضاحي
المطلب الثّاني: أخذ الأجرة على ذبح الهدي والأضاحي
1 / 14
الفصل الرّابع: أخذ المال على الجهاد
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأوّل: نفقة المجاهدين
وتحته مطلبان:
المطلب الأوّل: أخذ المجاهدين من الزَّكاة
المطلب الثّاني: أخذ المجاهدين من بيت المال
المبحث الثّاني: أخذ المال على القتال
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأوّل: استئجار المسلم للقتال
المطلب الثّاني: أخذ الجعل على القتال
المطلب الثّالث: إعطاء الأجير من الغنيمة
المبحث الثّالث: أخذ المال على متعلّقات الجهاد
وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأوّل: أخذ المال على المرابطة
المطلب الثّاني: أخذ المال على حفظ الغنيمة
المطلب الثّالث: ما يستحقه المعاون في الجهاد
الفصل الخامس: أخذ المال على القرآن الكريم والعلّوم الشرعية
وفيه مبحثان:
المبحث الأوّل: أخذ المال على القرآن الكريم
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأوّل: أخذ المال على تعلم القرآن الكريم وتعليمه
المطلب الثّاني: أخذ المال على تلاوة القرآن الكريم
المطلب الثّالث: أخذ المال على كتابة المصحف وطباعته
1 / 15
المطلب الرّابع: أخذ المال على إجارة المصحف وبيعه
المبحث الثّاني: أخذ المال على العلوم الشرعية
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأوّل: أخذ المال على طلب العلم
المطلب الثّاني: أخذ المال على تعليم العلوم الشرعية
المطلب الثّالث: أخذ المال على كتابة العلم الشرعي
الباب الثّاني أخذ المال على المعاملات والولايات الشرعية
وفيه فصلان:
الفصل الأوّل: أخذ المال على المعاملات
وفيه ستة مباحث:
المبحث الأوّل: أخذ المال على القرض
المبحث الثّاني: أخذ المال على الضمان والكفالة
وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: أخذ المال على الضمان
المطلب الثّاني: أخذ المال على الكفالة
المبحث الثّالث: أخذ المال على الصلح
المبحث الرّابع: أخذ المال على الوديعة
المبحث الخامس: أخذ المال على نظارة الوقف
المبحث السّادس: أخذ المال على الوصايا
الفصل الثّاني: أخذ المال على الولايات الشرعية
وفيه أربعة مباحث:
1 / 16
المبحث الأوّل: أخذ المال على الإمامة العظمى (نفقة الإمام)
المبحث الثّاني: أخذ المال على القضاء والشهادة
وتحته مطلبان:
المطلب الأوّل: أخذ المال على القضاء
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: ما يأخذه القاضي من مال على قضائه
المسألة الثّانية: ما يأخذه أعوان القاضي
المسألة الثّالثة: ما يأخذه المأذون الشرعي على عقود الأنكحة
المسألة الرّابعة: ما يأخذه القسام
المطلب الثّاني: أخذ المال على الشّهادة
المبحث الثّالث: أخذ المال على الإفتاء
المبحث الرّابع: أخذ المال على الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
الخاتمة
وقد اشتملت على ملخص للرسالة مع إبراز أهم النتائج الّتي توصل إليها الباحث من خلال هذه الدراسة.
الفهارس
وهي عبارة عن:
١ - فهرس المصادر والمراجع
٢ - فهرس الموضوعات
1 / 17
خامسًا: منهج البحث:
اتبعت في هذا البحث المنهج التالي:
١ - صورت المسألة المراد بحثها تصويرًا دقيقًا، قبل بيان حكمها؛ وذلك ليتضح المقصود من دراستها.
٢ - إذا كانت المسألة من مواضع الاتفاق، فقد ذكرت حكمها مقرونًا بدليله، مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة مع الإتيان بنصوص الفقهاء الدالة على ذلك عند الحاجة.
٣ - إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف، فقد اتبعت في دراستها ما يأتي:
أ - تحرير محل الخلاف، إذا كانت بعض صور المسألة محل خلاف وبعضها محل اتفاق.
ب - ذكر الأقوال في المسألة، وبيان من قال بهذه الأقوال من أهل العلم، ويكون عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية.
ج - الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة، مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه، من أقوال السلف الصالح، وإذا لم أقف على المسألة في مذهب ما، فأسلك بها مسلك التخريج، ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.
د - توثيق الأقوال من كتب أهل المذهب نفسه مع مراعاة التّرتيب الزمني بين المذاهب، فأذكر المذهب الحنفي أوَّلًا، ثمّ المالكي، ثمّ الشّافعيّ، ثمّ الحنبلي، ثمّ الظاهري - إنَّ وجد - مع مراعاة التّرتيب الزمني كذلك للمصادر والمراجع داخل كلّ مذهب.
هـ - استقصاء أدلة الأقوال ما أمكن، مع بيان وجه الدلالة، وذكر ما يردّ عليها من مناقشات، وما يجاب به عنها.
و- ذكر الأقوال مرتبة بحسب قوتها؛ فاذكر القول الراجح أوَّلًا، ثمّ الّذي يليه في القوة، وهكذا، إلى أن أنتهي بأضعف الأقوال، وهي الأقوال المرجوحة.
1 / 18
و- ذكر الأقوال مرتبة بحسب قوتها، فأذكر القول الراجح أوَّلًا، ثمّ الّذي يليه في القوة، وهكذا، إلى أن أنتهي بأضعف الأقوال، وهي الأقوال المرجوحة.
ز- عند ذكر أدلة الأقوال، فقد ذكرت أدلة القول الأضعف أوَّلًا، أو المرجوح، ثمّ الّذي يليه في القوة إلى أن أنتهي بأدلة القول الراجح.
ح - ذكر سبب الخلاف، إنَّ وجد.
ط - الترجيح بين الأقوال، مع بيان سببه، وذكر ثمرة الخلاف إنَّ وجدت.
٤ - الاعتماد على أمهات المصادر والمراجع الأصيلة عند تحرير الأقوال، وتوثيق المذاهب، وتخريج الأقوال، وذكر الأدلة.
٥ - العناية بضرب الأمثلة، وبخاصة الواقعية.
٦ - التركيز على موضوع البحث وتجنب الاستطراد ما أمكن.
٧ - تجنب ذكر الأقوال الشاذة.
٨ - العناية بدراسة، ما جد من القضايا ممّا له صلة واضحة بالبحث.
٩ - ترقيم الآيات وبيان أسماء السور.
١٠ - تخريج الأحاديث النبوية، بذكر من أخرجها من العلماء، مع بيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها من حيث الصِّحَّة والضعف ما أمكنني ذلك، إِلَّا أن يكون الحديث في الصحيحين، أو أحدهما، فأكتفي بذلك.
١١ - تخريج الآثار في مصادرها الأصيلة، وذكر الحكم عليها إنَّ وجد.
١٢ - التعريف بالمصطلحات، وشرح الغريب.
١٣ - العناية بقواعد اللُّغة العربيّة، والإملاء، وعلامات الترقيم.
١٤ - ترجمة الأعلام غير المشهورين، سواء أكانوا من الصّحابة، أم من
غيرهم، وذلك عند ورود العلم لأول مرّة.
١٥ - جعلت خاتمة للبحث، وهي عبارة عن ملخص للرسالة، تعطي سورة واضحة لما تضمنته الرسالة، مع إبراز أهم النتائج.
1 / 19
١٦ - ذيلتُ الرسالة بفهارس علمية تقدّم ذكرها.
سادسًا: الصعوبات:
واجهتني بعض الصعوبات أثناء إعداد هذا البحث منها:
١ - طول البحث وسعة عناوينه، حيث شمل جلَّ أبواب الفقه، بدءًا من الأذان، وانتهاء بالشهادات، هذا عدا الباب التمهيدي وما فيه من مسائل كثيرة.
٢ - كثرة وتنوع المال المأخوذ على القرب، من رزق، وإجارة، وجعالة، ونفقة، وهدية، وزكاة، وغير ذلك من الأنواع، ممّا يقتضي التنبه لذلك في كلّ مسألة، وبيان ما يجوز منها وما لا يجوز.
٣ - تداخل كثير من مسائل البحث وتشابهها، ممّا اقتضى عند الفصل بينها وتحريرها جهدًا كبيرًا ومضنيًا.
٤ - كثرة المصادر والمراجع الّتي يلزم الرجوع إليها في كلّ مسألة، وهذا يتطلب كثيرًا من الجهد، والوقت.
٥ - تشعب مسائل البحث، وتفرقها في أبواب شتى، وأحيانًا في غير مظنها، ممّا اقتضى الرجوع في كلّ مسألة إلى أبواب كثيرة من أبواب الفقه، وقراءتها بكاملها غالبًا، ممّا اقتضى جهدًا، ووقتًا كبيرين.
شكر وتقدير وعرفان:
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يشكرُ اللهَ من لا يشكرُ الناسَ). وفي رواية: (من لم يشكرِ الناسَ لم يشكرِ اللهَ) (١).
_________
(١) أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد: ١/ ٣١٠ (٢١٨)، وأبو داود، كتاب الأدب، باب شكر المعروف: ٤/ ٣٥٥ (٤٨١١)، والترمذي: كتاب البرّ والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك: ٤/ ٢٩٩ (١٩٥٥)، وصححه ابن حبّان: ٨/ ١٩٩ (٣٤٠٨).
1 / 20