التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار

ابن رجب الحنبلي ت. 795 هجري
26

التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار

محقق

بشير محمد عيون

الناشر

مكتبة المؤيد ومكتبة دار البيان

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٩ هجري

مكان النشر

الطائف ودمشق

وكان صفوان بن محرز، إذا جنه الليل يخور كما يخور الثور، ويقول: منع خوف النار مني الرقاد. وكان عامر بن عبد الله يقول: ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، وما رأيت مثل النار نام هاربها، فكان إذا جاء الليل قال: أذهب حر النار النوم، فما ينام حتى يصبح، وإذا جاء النهار قال: أذهب حر النار النوم، فما ينام حتى يمسي. وروي عنه أنه كان يتلوى الحب في المقلى، ثم يقوم فينادي: اللهم إن النار قد منعتني من النوم فاغفر لي وروي عنه أنه قيل له: مالك لا تنام؟ قال: إن ذكر جهنم لا يدعني أنام. وقال الحر بن حصين الفزاري: رأيت شيخًا من بني فزارة أمر له خالد بن عبد الله بمائة ألف، فأبى أن يقبلها، وقال: أذهب ذكر جهنم حلاوة الدنيا من قلبي، قال: وكان يقوم إذا نام الناس، فيصيح: النار النار النار. وكان رجل من الموالي، يقال له صهيب، وكان يسهر الليل ويبكي، فعوتب على ذلك، وقالت له مولاته: أفسدت على نفسك، فقال إن صهيبًا إذا ذكر الجنة طال شوقه، وإذا ذكر النار طال نومه. وعن أبي مهدي قال: ما كان سفيان الثوري ينام إلا أول الليل، ثم ينتفض فزعًا مرعوبًا ينادي: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ، ويقول على أثر وضوئه: اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار. وفي هذا المعنى يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع وقال ابن المبارك أيضًا:

1 / 38