[مقدمة المؤلف]
(3)بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين، اللهم صلي على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وبعد: فيقول فقير رحمة ربه قاسم بن قطلوبغا الحنفي: هذا تخريج ما ذكر في كتاب البزدوي في أصول الفقه من الأحاديث والآثار علقته على وجه الإيجاز والاختصار معولا فيما لم يصرح به الماتن على تصريح الشارح عبد العزيز البخاري رحمه الله، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(4)الخطبة قوله: وقد فسر ابن عباس الحكمة في القران بعلم الحلال والحرام، ابن جرير الطبري، ثنا المثنى، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا معاوية عن علي عن ابن عباس في قوله: {تؤتي الحكمة من تشاء ومن يؤت الحكمة من الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا}، قال: يعني المعرفة بالقران ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي صالح به سندا ومتنا، وأخرج عن مجاهد، قال: هو العلم والفقه والقرآن.
حديث: ((خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا))، وفي الصحيحين: عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم؟ قال: ((أكرمهم عند الله أتقاهم))، قالوا: ليس عن هذا نسئلك، قال: ((فيوسف نبي الله ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسئك)).(5) قال: فعن معادن العرب تسئالوني؟ قالوا: نعم، قال: ((فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)).
وفي رواية قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)).
صفحة ٦
حديث: ((إذا أراد الله بعبد خيرا يفقهه في الدين؛ أخرجه ابن عبد البر في كتاب العلم بلفظ: ((إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين))، فقال: قرأت على علي بن سعيد بن سيد وخلف بن سعيد أن عبد الله بن محمد حدثهما: ثنا أحمد بن خالد، ثنا علي بن عبد العزيز، نا حجاج بن منهال ناحماد بن سلمة عن حنظلة، عن عبد الله بن محيريز، عن معن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظ الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يرد الله به خيرا تفقهه في الدين)).
(8) القسم الأول: حديث: ((من فسر القران برأيه فليتبوأ مقعده من النار))، أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار))، ورواه ابن جرير مرة موقوفا، ومرة مرفوعا، وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ))، قال الترمذي: غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل، وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ))، ولفظ: فسر لم أقف عليه.
(11) القسم الرابع: حديث: ((أنت ومالك لأبيك)) ابن ماجه عن جابر: إن رجلا قال: يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يحتاج مالي، قال: ((أنت ومالك لأبيك))، قال ابن القطان: إسناده صحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات، ولابن حبان في ((صحيحه)) من حديث عائشة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه في دين له عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت ومالك لأبيك)).
(12) باب بيان معرفة أحكام الخصوص
صفحة ٧
قوله: بخبر الواحد؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل، فإنك لم تصل ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع (13) حتى تعدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها))، متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر... ))، الحديث، وأخرجه الترمذي، وفيه بعد قوله: ((حتى تطمئن جالسا، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإذا نقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك))، قال: وكان أهون عليهم من الأول أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته، ولم تذهب كلها.
وفي رواية لأبي داود: ((فإذا أصنعت ذلك فقد قضيت صلاتك، وما انتقصت من ذلك فإنما تنتقصه من صلاتك.
قوله: فلا يصح بخبر الواحد:
عن أبي هريرة رض قال: بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، متفق عليه، ولم أقف فيه على لفظ محدث.
وأخرج ابن حبان والحاكم من طريق سفيان، عن عطاء ابن السائب، عن طاؤس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله قد أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير)).
صفحة ٨
وسفيان مما روى عن عطاء قبل الاختلاط، وأخرجه البيهقي من رواية موسى بن أعين عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا، ومن رواية الباغندي يبلغ به ابن عيينه، عن إبراهيم ابن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا، وروي موقوفا، ولا يضره لما علمت من المتابعات على الرفع، وروى الطبراني عن طاووس عن ابن عمر: لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا فيه الكلام))، وللترمذي نحوه، وعن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ((ما لك لعلك نفست، فقالت: نعم، فقال: هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري))، متفق عليه.
ولمسلم في رواية: ((فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي)).
صفحة ٩
(14) قوله: رفع حكم خبر الواحد، أراد ما عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى))، الحديث رواه الجماعة، وما أخرج أبو داود عن بقية عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي قدمه لمعة لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، قال الشيخ (15) تقي الدين في الإمام: وبقية مدلس، إلا أن الحاكم رواه في ((المستدرك)) فقال فيه: حدثنا بحير بن سعيد، فزالت التهمة، لكن أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ: ((ارجع فأحسن وضؤك، ثم صل))، وأخرجه أبوداود وابن ماجه من حديث أنس بلفظ: ((ارجع فأحسن وضؤك))، وسنده ثقات، وأخرجه الطبراني والدارقطني بلفظ: ((اذهب فأتم وضؤك))، وسنده ضعيف، وما في الصحيحين عن عبد الله بن زيد أنه حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم متواليا، وعن ابن عباس مثله عند البخاري، وما رواه الدارقطني من طريق المسيب ابن واضح عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وقال: ((هذا وضوء من لا يقبل الله الصلاة إلا به)) الحديث، قال عبد الحق: هذا من أحسن طرق هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم: المسيب صدوق لكنه يخطئ كثيرا، وقال البيهقي روى من أوجه كلها ضعيفه، وجه الاستدلال به أنه لا يخلو أن يكون والى في هذا أولا لا جائز أنه لم يوال، وإلا لزم عدم صحته تواليا، فثبت أنه والى، ويلزم أن لا يصح إلا متواليا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: ((لا يقبل الله الصلاة إلا به))، وماروي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه، فيغسل وجهه ثم يديه)) الحديث، وثم للعطف والترتيب وهذا الحديث قال مخرجو أحاديث الرافعي: لم نجده في شيء مما رأينا من كتب الحديث، وإنما جاء في رواية لأبي داود عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتم صلاة لأحد حتى يصبغ الوضوء، كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه، ويغسل رجليه إلى الكعبين، ثم يكبر))، الحديث.
وما روى النسائي والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند السعي: ((إن الصفا والمروة من شعائر الله فابدأوا بما بدأ الله به))، والعبرة لعموم اللفظ، وما تقدم من حكاية فعله صلى الله عليه وسلم الذي كان يواظب عليه، وقوله: ((هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به))، وتقدم وجه الاستدلال به، وما أخرجه ابن ماجه من طريق كثير بن زيد عن ربيع بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))، وأخرج عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان أنه سمع جدته بنت سعيد بن زيد أنها سمعت أباها سعيد بن زيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))، وفي(16) الإسناد مقال، إلا أن البخاري قال: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن وسأل اسحق بن راهويه: أي حديث أصح في التسمية، فذكر حديث أبي سعيد، وقد وثقت رجاله.
حديث:
حديث العسيلة، وله طرق وألفاظ منها عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجها رجل ثم طلقها، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول)).
صفحة ١١
وفي رواية قالت: طلق رجل زوجته فتزوجت زوجا غيره، فطلقها وكان معه مثل الهدبة فلم تصل منه إلى شيء تريده، فلم يلبث أن طلقها ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن زوجي طلقني، وإني تزوجت زوجا غيره، فدخل بي، فلم يكن معه إلا مثل هذه الهدبة فلم يقربني إلا هبة واحدة، لم أصل منه إلى شيء، فأحل لزوجي الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك، وتذوقي عسيلته)).
وفي أخرى قالت: جائت امراة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فأبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك))، زاد في رواية وأبو بكر جالس عنده، وخالد بن سعد ابن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له، فقال: ((يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه وما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم))، وفي الأخرى: ((ألا تزجر هذه بما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم))، وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، وفيه وما معه إلا مثل هذا الهدبة لهدبة أخذتها من جلبابها، وفي أخرى: ((إن رفاعة طلقها آخر ثلاث تطليقات))، أخرجه البخاري ومسلم.
صفحة ١٢
وأخرج النسائي وأبو داود الرواية الأولى وأخرج الترمذي الرواية الثانية إلى قوله: ((ويذوق عسيلتك))، وأخرج أيضا النسائي الثالثة بتمامها، ومثله ابن ماجه وأحمد، وأخرج مالك في ((الموطأ)) عن الزبير بن العوام: إن رفاعة بن شموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير، فعارض عنها، فلم يستطع أن يمسها فقارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها وذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها، وقال: ((لا تحل لك حتى تذوق العسيلة)).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا، فيتزوجها (17) الرجل، فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، قال: ((لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر)).
وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يكون له المرأة فيطلقها ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها فترجع إلى زوجها الأول، قال: ((لا، حتى يذوق العسيلة))، أخرجه النسائي وأخرجه الطبراني بلفظ: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المطلقة ثلاثا لا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجا غيره، ويخالطها ويذوق عسيلتها، ورواه أبو يعلى بمثل حديث عائشة، وعن عبيد الله والفضل بن العباس أن العميصاء أو الرميصاء جاءت تشكو زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ((إنه لا يصل إليها))، قال: فقال: كذبت يا رسول الله إني لأفعل، ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحل له حتى تذوق عسيلتها))، رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
صفحة ١٣
وعن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن شموال طلق امرأته فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، قد تزوجني عبد الرحمن وما معه إلا مثل هذه، وأومأت إلا هدبة من ثوبها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن كلامها، ثم قال: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك))، رواه البزار والطبراني ورجاله ثقات.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثا، فتزوجها بعده رجل فطلقها قبل أن يدخل بها، أتحل لزوجها الأول ، فقال: لا، حتى يذوق الآخر ما ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته))، رواه أحمد والبزار وأبو يعلي، وقد تتبعت ألفاظ هذا الحديث جهدي، فلم أقف على قوله: تعودي والله أعلم.
حديث:
حديث: ((لعن الله المحلل))، عن عتبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هو المحل، لعن الله المحلل والمحلل له))، رواه ابن ماجه ورجاله ثقات.
وعن عبد الله بن مسعود قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له، رواه أحمد والنسائي والترمذي، وصححه، وللخمسة إلا النسائي من حديث علي مثله.
(19) الحديث:
الحديث: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فظن أنا اشتقنا أهلنا، فسأل عمن تركنا من أهلنا، فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم ليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم، وصلوا كما رأيتموني أصلي))، أخرجه البخاري، واتفقا عليه بدون قوله: وصلوا... الخ.
(20) حديث:
صفحة ١٤
حديث خلع النعال عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في نعله إذ خلعهما فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك أصحابه ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ((ما حملكم على خلع نعالكم، قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا))، وقال: ((إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما))، وفي رواية: خبثا في الموضعين، أخرجه أبو داود، ورواته من رجال الصحيح، إلا أبا نعامة السعدي، فإنه عند مسلم.
(21) حديث النهي عن الوصال: عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال: قالوا: إنك تواصل، قال: ((إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى))، وفي رواية: ((لست مثلكم))، متفق عليه.
وللبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل فواصل الناس فشق عليهم، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواصلوا، قالوا: إنك تواصل، قال: ((لست كهيئتكم، إني أظل أطعم وأسقي)).
وأخرج ((الموطأ)) وأبو داود الرواية الأولى، وعن أنس قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين(22) فبلغه ذلك، فقال: ((لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي، أو قال: لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني))، وفي رواية قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل، قال: ((لست كأحد منكم إني أبيت أطعم وأسقى))، أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج الترمذي الثانية: ((إن ربي يطعمني ويسقيني))، وأخرجاه من حديث أبي هريرة، وفيه: ((إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)).
(23) باب موجب الأمر في معنى العموم والخصوص
صفحة ١٥
حديث الأقرع بن حابس عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس، كتب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع))، رواه أحمد والنسائي بمعناه.
ولمسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله، فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم)).
(25) باب بيان صفة حكم الأمر
حديث: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها))، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى يقول: {أقم الصلاة لذكري})).
وفي رواية: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك))، أخرج الأولى مسلم، والثانية متفق عليها، وعن أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: ((إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (26) فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها))، رواه النسائي والترمذي، وصححه، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نسى صلاة فوقتها إذا ذكرها))، رواه الطبراني في الوسط، وفيه حفص ابن عمر ضعيف.
(27)حديث الخثعمية: إنها قالت: يا رسول الله إن أبي أدركه الحج وهو شيخ كبير لا يستمسك على الراحلة، أفيجزئني أن أحج عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أرايت لو كان على أبيك دين، فقضيتيه أكان يقبل منك، فقالت: نعم، قال: فدين الله أحق)).
صفحة ١٦
عن ابن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امراة من خثعم تستفتيه، قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطع أن يثبت على الراحلة، أفاحج عنه، قال: نعم))، وذلك في حجة الوداع، أخرجه البخاري ومسلم، و((الموطأ)) وأبو داود، زاد ابن ماجه: ((فإنه لو كان على أبيك دين فقضيتيه)).
ومنهم من أخرج هذا من مسند الفضل نحو لفظ الترمذي عن ابن عباس عن أخيه، ومنهم من جعله من مسند (28) ابن عباس نحو رواية النسائي وغيره عن ابن عباس أن امرأة من خثعم، وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امراة شابة من خثعم فقالت: إن أبي كبيرا، وقد أفند وأدركته فريضة الله في الحج ولا يستطيع أداءها فيجزئ عنه أن أؤديها عنه، قال: نعم))، رواه أحمد والترمذي وصححه.
وعن عبد الله بن الزبير قال: جاء رجل من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل والحج عليه، أحج عنه؟ قال: أنت أكبر ولده، قال: نعم، قال: أرأيت لو كان على أبيك ديت فقضيته عنه أكان ذلك يجرئ عنه؟ قال: نعم، قال: فاحجج عنه))، رواه أحمد، ولفظ النسائي: ((أكنت تقضيه؟ قال: نعم، قال: فحج عنه)).
وعن سودة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبي شيخ كبير لا يستطيع، قال: أرايت لو كان على أبيك دين، قضيت عنه قبل منك؟ قال: نعم، قال: فالله أرحم، حج عن أبيك))، رواه أحمد والطبراني في ((الكبير))، ورجاله ثقات.
صفحة ١٧
قوله: إلا أن الشفع الأول تعين بخبر الواحد، قال الشارح: هو ما روى عن علي رضي الله عنه القراءة في الأوليين قراءة في الاخريين، قلت: فيه تأمل، وأصرح منه ما روى ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه وابن مسعود قالا: إقرأ في الأوليين، وسبح في الأخريين. (30) وعن ابن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا، متفق عليه. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سنة القراءة في الصلاة أن يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، في الأخريين بأم القرآن)) رواه الطبراني في ((الوسط)).
(32) قوله: والعفو عن القصاص مندوب إليه: قلت: روى الإمام أبو حنيفة عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة))، أخرجه الحارثي في ((المسند)).
(35) باب بيان صفة الحسن
قوله: لكنه خلاف الخبر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال))، أخرجه النسائي وأبو داود عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال هذا الدين قائما، تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة))، أخرجه البخاري.
صفحة ١٨
قلت: وفي باب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، (36) لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن تقال آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالإقرار))، رواه أبو داود، وحكاه أحمد في رواية ابنه عبد الله، وفي سنده يزيد بن أبي نشبة، قال المنذري: في معنى المجهول، وقال عبد الحق: هو رجل من بني سليم، لم يرو عنه إلا جعفر بن برقان.
(39) حديث: ((أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم))، أخرجه محمد في ((الأصل)): ثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمرهم أن يؤدوا صدقة الفطر قبل أن بخرجوا إلى المصلى، وقال: ((أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم))، وأخرج الحاكم في علوم الحديث من هذا الوجه بلفظ: ((أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم))، ومن جهته ذكره المخرجون لأحاديث ((الهداية))، والواقع في كتب علمائنا هو اللفظ الأول.
حديث: ((لا صدقة إلا عن ظهر غني))، أخرجه الإمام أحمد في ((مسنده)): (40) ثنا يعلى بن عبيد، ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صدقة إلا عن ظهر غني، واليد العليا خير من يد السفلى، وابدء بمن تعول))، وذكره البخاري في ((صحيحه)) تعليقا مقتصرا على الجملة الاولى، فقال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لاصدقة إلا عن ظهر غني))، وتعليقاته المجزومة لها حكم الصحة، ورواه مسندا بغير هذا اللفظ.
صفحة ١٩
(51) باب النهي:
قوله: لأن الإحرام منهي لقوله تعالى: { فلا رفث}، والرفث الجماع، قال الله تعالى: {احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم}، وأخرج أبو يعلى من طريق خصيف عن ابن عباس قال: لا رفث، قال: الرفث الجماع، ولا فسوق، قال: الفسوق المعاصي، ولا جدال في الحج: المراء؛ لأنه من محظوراته بدليل ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن معاوية بن سلام عن يحيى بن كثير قال: أخبرني يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم، شك أبو توبة أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان، (52) فسأل الرجل ؟؟؟ صلى الله عليه وسلم فقال لهما: ((اقضيا نسككما واهديا هديا))، وفيه: ((وعليكما حجة أخرى)) الحديث.
وأخرجه البيهقي عن زيد بغير شك، وعلى هذا فكلهم ثقات.
قوله: ولا يلزم الطلاق في حالة الحيض أو في طهر جامعها فيه؛ لأنه منهي عنه... الخ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا))، رواه الجماعة إلا البخاري.
وفي رواية عنه أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله، وفي لفظ: ((فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)) رواه الجماعة إلا الترمذي، فإن له منه إلى الأمر بالرجعة.
صفحة ٢٠
وعن عكرمة قال: قال ابن عباس: الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال، ووجهان حرام، فأما اللذان هما حلال فأن يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع، أو يطلقها حاملا مستبينا حملها، وأما اللذان هما حرام، فأن يطلقها حائضا أو يطلقها عند الجماع لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا، رواه الدارقطني. قوله: سببا للرخصة للنهي، أخرج الطبراني في ((الوسط)) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما عبد مات في إباقه دخل النار، وإن قتل في سبيل الله))، ورجاله موثقون، وفي المحارس نص القران.
قوله: للنهي أيضا، منه ما أخرجه الدارقطني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه)).
(53) قوله: صيام العيد وأيام التشريق منهي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر، متفق عليه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي أيام منى: إنها أيام أكل وشرب ولا صوم فيها، يعني أيام التشريق، رواه أحمد، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيام في السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وثلاثة أيام التشريق، رواه الدارقطني.
صفحة ٢١
(54) قوله: والصلاة الحرام، قال الشارح: هي الصلاة في الأرض المغصوبة سيأتي لي في هذا الكلام، قال: والأوقات المكروهة فيه عن عقبة بن عامر الجهني قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب))، رواه الجماعة إلا البخاري، واللفظ لمسلم، قال: والمواطن السبعة، أخرج ابن ماجه والترمذي من طريق زيد بن جبيرة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبع مواطن: في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق بيت الله تعالى، قال الترمذي: ليس إسناده بذاك القوي، وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه، قلت: قد قالوا: إن الحرام ما كان بقطعي، فكيف أطلق هنا ولا قاطع.
قوله: والصوم المحظور؛ يوم الشك، عن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار بن ياسر في اليوم الذي يشك فيه فأتي بشاة مصلية، فتنحى بعض القوم، فقال عمار: من صام هذا اليوم فقد عصا أبا القاسم، رواه الخمسة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وأخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) عن ابن عباس قال: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى الله ورسوله، وذكر له متابعا، ووقع في ((الهداية)) بلفظ: لا يصام اليوم الذي يشك فيه، مرفوعا، قال المخرجون: لا يعرف ولا أصل له، قلت: بل له أصل، وهو ما روى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه عن عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام اليوم الذي يشك فيه من رمضان.
صفحة ٢٢
قوله: إن البيع بالخمر منهي عنه، عن جابر إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام))، الحديث رواه الجماعة، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم التجارة في الخمر، متفق عليه، وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء، حرم عليهم ثمنه))، رواه أحمد وأبو داود.
صفحة ٢٣
(56) قوله: منسوب إلى الشيطان، كما جاءت به السنة، فيه عن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس، حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقبل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة، فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر،(57) ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، رواه أحمد ومسلم وأبو داود في لفظه: ((ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس فترتفع قيد رمح أو رمحين، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فتصلي لها الكفار، ثم صل ما شئت، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله، ثم اقصر، فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها، فإذا زاغت الشمس فصل ما شئت، فإن الصلاة مشهودة، حتى يصلي العصر ثم اقصر حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، ويصلي لها الكفار))، ولفظ النسائي: ((فإن الصلاة محضورة مشهودة إلى طلوع الشمس، فإنها تطلع بين قرني الشيطان، وهي ساعة صلاة الكفار، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمح، ويذهب شعاعها، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعدل الشمس اعتدال الرمح بنصف النهار، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر، فدع الصلاة حتى يفيئ الفيء، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تغيب الشمس، فإنها تغيب بين قرني الشيطان، وهي صلاة الكفار)).
وعن عبد الله الصنابحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها))، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات، أخرجه ((الموطأ)) و((النسائي)).
قوله: والنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة، لم أقف على نص فيه نهى عن نفس الصلاة، وإنما جاء النهي عن الغصب، فمنه ما تقدم من قوله: صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه))، ومنه في الأرض ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ظلم شبرا من الأرض، طوقه من سبع أرضين، وما رواه أحمد والطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الظلم أظلم؟ فقال: ذراع من أرض ينتفع به المرء المسلم من حق أخيه، فليس حصاة من الأرض يأخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولايعلم قعرها إلا الله الذي خلقها))، وإسناد أحمد حسن.
قوله: فصار النهي، عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلى، قال: والمضامين ما في أصلاب الإبل، والملاقيح ما في بطونها، وحبل الحبلة، ولد ولد هذه الناقة))، أخرجه عبد الرزاق، وعنه: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك متفق عليه.
صفحة ٢٤
قوله: فصار النهي؛ هو في حديث الوصال، وقد تقدم في باب بيان معرفة أحكام الخصوص حديث: ((لا نكاح إلا بشهود))، قال مخرجو(58) أحاديث ((الهداية)): لم نجده، وإنما أخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة))، ورجح الترمذي وفقه على ابن عباس، وقيل: لا يقدح الوقف، فإن الذي رفعه عبد الأعلى، وهو ثقة، ودفعه زيادة فتقبل، قلت: أخرجه محمد في ((الأصل)) بلاغا مرفوعا بلفظ الكتاب، وأخرجه الدارقطني عن أبي سعيد موقوفا، والله أعلم.
(59) باب معرفة أحكام العموم:
حديث العرنيين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رهطا من عكل، أو قال عرينة قدموا فاجتووا المدينة، فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، متفق عليه.
حديث: ((استنزهوا من البول))، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه))، رواه الدارقطني ، وللحاكم: ((أكثر عذاب القبر من البول))، وإسناده صحيح، أخرجه الدارقطني.
(60) من جهة أزهر بن سعد السمان، وقد وثقه ابن سعد، عن ابن عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وهذان ممن روى له الجماعة، وقال الحاكم: صحيح، لا أعلم له علة.
حديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمسة أواق صدقة، ولا فيما ؟؟؟ خمسة ذود صدقة))، رواه الجماعة.
صفحة ٢٥
حديث: ((ما سقته السماء ففيه العشر))، عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السما والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر))، رواه الجماعة إلا مسلما، ولمسلم من حديث جابر نحوه. قوله: وخبر الواحد؛ قال الشارح هو حديث: ((المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم))، قال المخرجون لأحاديث ((الهداية)): لم نجده بهذا اللفظ، وإنما أخرج الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم وليذكر اسم الله، ثم ليأكل))، وصحح وقفه على ابن عباس، وفي سنده مقال، قلت: وهذا لا حجة فيه للمخالف، بل هو دليل لنا في الناسي، وأولى منه في الاستدلال لهم ما أخرج أبو داود في ((المراسيل)) عن الصلت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أو لم يذكر))، لكنهم لا يرون المرسل حجة، والله أعلم. قوله: بالآحاد؛ قال الشارح هو حديث قتل ابن خطل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: يا رسول الله، ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه)) متفق عليه.
قال: وحديث: ((إن الحرم لا يعيد عاصيا))، المحفوظ أن هذا من كلام عمرو بن سعد الأشدق، أخرجاه في حديث أبي شريح العدوي رضي الله عنه.
(61) قوله: واحتج عبد الله بن مسعود عن الحمل؛ عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من شاء لاعنته لنزلت سورة النساء القصرى بعد أربعة أشهر وعشرا، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وللبزار: من شاء حالفته، ولمحمد في ((الأصل)): من شاء باهلته، وهو في البخاري بلفظ: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون فيها الرخصة، لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى، {وأولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن}.
صفحة ٢٦