كتاب تخليص العاني من ربقة جهل المعاني للقطب اطفيش تحقيق محمد زمري

اطفيش ت. 1332 هجري
160

كتاب تخليص العاني من ربقة جهل المعاني للقطب اطفيش تحقيق محمد زمري

تصانيف

والذي كنت أفهمه قبل هذا ما قيل: إن أهل الحضر ينالهم ذل الحكام ومشقتهم بخلاف البادية، والبادية إلى الآن فيهم عزة النفس؛ ترى أعرابيا صغيرا أو كبيرا حقيرا أو عظيما ينادي شيخ البلد: يا فلان، دون أن يقول: يا أبا فلان، ولا يا عمي فلان، ولا يا سيدي، أو ما أشبه ذلك. والله أعلم .

ويؤتى بالمسند إليه اسم الإشارة أيضا للتعريض بغباوة السامع كان لا يدرك إلا المحسوس، كقول الفرزدق:[ من الطويل ]

أولئك آبائي، فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع (¬1) ...

... فإنه لو قال فلان وفلان وفلان آبائي لم يكن فيه تعريض بغباوة جرير، ومراده: التعريض بها كما عرض بها له في قوله <<يا جرير>> بصيغة النداء، أو يقال: لا تعرف أنك المخاطب ما لم تناد، ولاسيما إن قلنا: يا للبعيد، فكأنه قيل: لا تعرف أنك المخاطب حتى تنادى، ولا تجيب مناديا حتى يكون نداؤه بصيغة البعد لبلادتك ولا تزال بعيدا.والأمر في << فجئني >> للتعجيز على حد قوله تعالى { فأتوا بسورة من مثله } (¬2) أي: لا تقدر على الإتيان بمثلهم في مناقبهم، أي: فاذكر لي مثلهم من آبائك إذا جمعتنا المجامع للافتخار ؛ وذكر <<المجامع>> إشارة إلى أنه بعيد عن الإنصاف مكابرة جدا حتى لو لم يكثر الشاهدون بالحق لادعى ما شاء . والله أعلم .

صفحة ١٦٨