فإن قيل: أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقلال(1) هجر، لأن قلال هجر كانت معروفة إذ ذاك، وقد ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الأخبار.
قيل له: نحن لا نمنع أنها كانت معروفة، ولكن كون القلة اسما لرأس الجبل كان أيضا مشهورا، وكونه اسما للكوز كان اسمه أيضا معروفا، فإذا احتمل اللفظ معاني مختلفة، لم يكن صرفه إلى بعضها أولى من صرفه إلى بعض.
على أن قلال هجر قد قيل أنها تكبر وتصغر، فلا يمكن التحديد بها، وقد بينا ما دل على نجاسة هذا المقدار من الماء بما ذكرناه في صدر كتابنا من الأخبار والقياس، فوجب أن يكون ما تأولناه صحيحا دون ما تأوله المخالف، على أن ترتيب الشرع يبعد أن يرد الشرع بمذهبهم في القلتين، لأن من مذهبهم أن قلتين من الماء منفردتين لو كانتا نجستين، ثم صب(2) إحدى القلتين على الأخرى، لطهر جميع الماء، ومن البعيد أن يكون الماءان النجسان يصيران بالخلط طاهرين، وكذلك لو نقص ما نجس عن القلتين؛ لكان نجسا، ثم لو أكمل ذلك بالبول لصار طاهرا، وهذا أبعد من الأول، ومثل هذا لا يجوز لخبر حاله في الضعف والاضطراب والتعارض واحتمال التأويلات ما ذكرنا.
مسألة [ في سؤر ما يؤكل لحمه ]
قال: ولا بأس بالتطهر بسؤر جميع ما أكل لحمه.
صفحة ٢٩