فإن استدلوا بما روي عن(1) النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر في الوادي، فاستيقظ وقد طلعت الشمس، أمر بالرحيل حتى لما ارتفعت الشمس، نزل وصلى، وفي بعض الروايات لما خرج من الوادي، انتظر حتى استقلت الشمس، وفي بعضها: فقعدوا هنيهة، ثم صلوا.
قيل لهم: هذه الأخبار في هذا الباب وردت مختلفة، واحتمل فيها التعارض، فحديث أبي قتادة ليس فيه ذكر الارتحال، بل فيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ارتحل.
أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل، حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، حدثنا محمد بن شجاع، حدثنا المعلى بن منصور، عن هشام(2)، قال: أخبرنا حصين، أخبرنا عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة، قال: فاستيقظنا وقد طلعت الشمس، فأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فانتشروا لحاجتهم، وتوضئوا [وارتفعت الشمس فصلى بهم الفجر، فهذا الخبر ليس فيه إلا أنهم انتشروا وتوضئوا](3)، فصلوا فصادف فعل الصلاة إرتفاع الشمس، وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ارتحل، ولا أنه قصد تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، فالكلام في هذا من وجهين:
أحدهما: أن التعارض قد وقع في كيفية فعله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يمكن التعويل عليه.
والثاني: أن التأخير يمكن أن يكون وقع للتوضؤ، ولأن يجتمع الناس، فصادف ذلك ارتفاع الشمس.
وأما الارتحال فإن صح، فيجوز أن يكون؛ لأن الموضع كان فيه شيطان على ما ورد به الخبر، فكره صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة في الموضع، لا في الوقت.
صفحة ٢٥٤