140

وقد نص على ذلك في (الأحكام) و(المنتخب)(1).

والدليل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، أخبرنا أبو زيد العلوي، وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قالا: حدثنا الناصر للحق عليه السلام، حدثنا محمد بن منصور، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن خالد بن عيسى العكلي، عن حصين بن مخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا جامع الرجل، فلا يغتسل حتى يبول، وإلا تردد بقية المني، فكان منه داء لا دواء له )).

فنهى عن الغسل قبل أن يبول، وعندنا أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، وأنه لا يقع موقع الصحيح، وإذا كان ذلك كذلك، فالمغتسل قبل البول كأنه لم يغتسل.

فإن قيل: إنه صلى الله عليه وآله وسلم قد بين الغرض بالنهي عنه بقوله: (( وإلا تردد بقية المني، فكان منه داء لا دواء له ))، فيجب أن يكون النهي لذلك، لا للتحريم.

قيل له: إن النهي ظاهر للتحريم، وتنبيهه على أن فيه ضررا يتعجل، لا يسقط حكمه؛ لأنه لا يمتنع أن يحرم صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يبين أن فيه وجوها من المضار، ومثل هذا قد ورد في القرآن، قال الله تعالى: {إنما الخمر والميسر..} الآية[المائدة:90]، ثم قال: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر}[المائدة:91]، ولم يكن لأحد أن يقول: إن الضرر الذي ذكره الله تعالى فيه، يدل على أن النهي ليس يقتضي التحريم، بل يكون النهي نهيا على حياله، وما ذكره من تعجل الضرر منه باق على حياله، ويدل على ذلك أيضا أنه قد ثبت وجوب الاغتسال لخروج المني، وإذا جامع الرجل، ولم يبل، فلا بد من أن يبقى في الإحليل بقية من المني، للخبر الذي ذكرناه، وللمشاهدة.

صفحة ١٤٠