التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

ضياء الدين عبد العزيز الثميني ت. 1223 هجري
55

التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

تصانيف

في مخاطبة الله لعباده وأمره لهم فالأشبه أنه إن ورد بفعل خاص بوقت جاز للمأمور إيقاعه أوله أو وسطه، أو آخره؛ وتعجيله أفضل، وإن ورد غير مخصوص به جاز له تأخيره ما حيي واختير وجوب تعجيله أول أوقات الإمكان، لأنه إذا ورد مطلقا فإما أن يلزم على الفور مع الإمكان أو التراخي، فآخر أوقات العمر كوسطه مجهول، فلا تتعلق العبادة به فيجب على الفور.

وصورة الأمر: افعل، نحو: {أقيموا الصلاة...}، {اتقوا الله...}، وصيغة النهي لا تفعل نحو: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل...} الآية(80) (سورة البقرة: 188)، {ولا تقربوا الزنا...} (سورة الإسراء: 32)؛ فإذا ورد الخطاب مجردا عن قرينة، أو مقدمة، أو تابعة، حمل على الوجوب، والتحريم، وإلا فإنه يرد لمعان ذكرت في محلها.

وجاز تأخير البيان إلى وقت الحاجة لا عنه، لأنه إذا خاطب عباده بظاهر الإطلاق والعموم، ويريد التقييد والخصوص(81)، ولم يقرنه بمبين له فقد ألزمهم أن يعتقدوا خلاف ما أراده منهم، يتعالى مولانا عن ذلك؛ فإن لكل من وجوه الخطاب صيغة تخصه ويعرف منها حكمه، غير أن العرب -لسعة لغتها، وكثرة معاني كلامها- تعبر عن الخصوص بالعموم، وبالعكس، وبالحقيقة عن المجاز، وبالعكس، إلى غير ذلك، ويتبين ذلك بالقرائن وعليها جاء الكتاب، والسنة.

الباب الثامن عشر

في التكليف

وهو إلزام الله العبد ما فيه كلفة، عند إيجاده الاستطاعة فيه، وهي عرض يوجد فيه مع الفعل لا قبله، ويتوجه إليه التكلييف من طريق العقل، ومن طريق النقل.

أما من العقل فإنه يجب عليه أول حال بلوغه أن يعلم الله سبحانه وأنه واحد عالم قادر بمجرد عقله كما هو مبين في محله، وأنه مكلف بذلك.

صفحة ٥٥