تحويلة مانهاتن

جورج أورويل ت. 1450 هجري
155

تحويلة مانهاتن

تصانيف

نظرت إليه لوهلة عبر نظارتها اليدوية. «لديك من الصمود يا جورج ما يفوق جاس.» «ماذا؟» «أوه كل هذا ... أحاول إقناع جاس بالذهاب معي إلى الخارج لأخذ قسط من الراحة ... ماريانباد أو شيء من هذا القبيل ... لكنه يقول إنه مشغول للغاية لدرجة تمنعه من الذهاب لمكان آخر.»

قال بالدوين بابتسامة فاترة: «أظن أن هذا ينطبق علينا جميعا.»

ساد الصمت بينهما لوهلة، ثم نهضت نيللي ماك نيل على قدميها. «اسمع يا جورج، جاس منزعج للغاية من هذا ... أنت تعلم أنه يحب مساندة أصدقائه، وأن أصدقاءه يساندونه.» «لا أحد يستطيع القول إنني لم أسانده ... الأمر وما فيه أنني لست سياسيا، وبما أنني، ربما بدافع من الحماقة، سمحت لنفسي أن أترشح للمنصب ، لا بد لي من الترشح على أساس غير حزبي.» «هذه نصف الحقيقة يا جورج، وأنت تعرف ذلك.» «أخبريه أنني كنت دائما وسأظل صديقا جيدا له ... إنه يعرف ذلك جيدا. في هذه الحملة تحديدا عاهدت نفسي بمقاومة بعض الأمور التي سمح جاس لنفسه بالانخراط فيها.» «أنت متحدث جيد يا جورج بالدوين، ولطالما كنت كذلك.»

تورد وجه بالدوين. وقفا متيبسين جنبا إلى جنب عند باب المكتب. ظلت يده جاثمة فوق مقبض الباب كما لو كانت مشلولة. من المكاتب الخارجية سمع صوت الآلات الكاتبة وغيرها من الأصوات. ومن الخارج جاء النقر المتواصل الطويل لمثبتات الدعامات التي تستخدم في إنشاء المبنى الجديد.

وفي النهاية قال بمشقة: «أتمنى أن تكون عائلتك بخير.» «أوه أجل، كلهم بخير، شكرا ... وداعا.» غادرت المكان.

وقف بالدوين للحظة ينظر من النافذة إلى المبنى المقابل ذي النوافذ الرمادية. من السخف أن يدع الأمور تثيره هكذا. إنه بحاجة إلى الاسترخاء. أخذ قبعته ومعطفه من فوق المشجب خلف باب الحمام وخرج. قال لرجل ذي رأس أصلع مستدير كما لو كان شمامة يجلس منكبا على الصحف في مكتبة مرتفعة السقف، والتي كانت القاعة المركزية لمكتب المحاماة: «أحضر كل شيء موجودا على مكتبي ... سأذهب إلى الشمال الليلة.» «حسنا يا سيدي.»

عندما خرج إلى شارع برودواي، شعر وكأنه ولد صغير يلعب الهوكي. كان الوقت عصرا في شتاء براق الأفق تتخلله تصدعات متسارعة من ضوء الشمس والسحب. قفز في سيارة أجرة. اتجهت السيارة إلى الشمال واستلقى في مقعده غافيا. استيقظ في شارع 42. كان كل شيء مشوشا بمستويات متقاطعة من الألوان، والوجوه، والسيقان، ونوافذ المتاجر، وعربات الترام، والسيارات. جلس ويداه في قفازيه على ركبتيه، يخفق من الإثارة. توقف عند منزل نيفادا ودفع الأجرة. كان السائق زنجيا وابتسم ملء فمه مظهرا أسنانا عاجية عندما حصل على بقشيش 50 سنتا. لم يكن أي من المصعدين حاضرا؛ لذا ركض بالدوين بخفة على الدرج، معجبا بنفسه بعض الشيء. طرق باب شقة نيفادا. ولكن لم يجبه أحد. طرقه مرة أخرى. ففتحته بحذر. كان بإمكانه أن يرى شعرها الأشقر المجعد. مر بها داخلا الغرفة قبل أن تتمكن من إيقافه. كل ما كانت ترتديه هو كيمونو فوق قميص وردي.

قالت: «يا إلهي، ظننتك النادل.»

أمسك بها وقبلها. «لا أعرف السبب، ولكني أشعر أنني في الثالثة من عمري.» «تبدو وكأن الحرارة قد أصابتك بالجنون ... لا أحب أن تأتي لزيارتي دون اتصال هاتفي، أنت تعرف ذلك.» «لا تمانعي هذه المرة فقد نسيت ليس إلا.»

لمح بالدوين شيئا على الأريكة؛ فوجد نفسه يحدق في بنطال أزرق داكن مطوي بعناية. «كنت أشعر بالتعب الشديد في المكتب يا نيفادا. فظننت أنه بإمكاني أن آتي للتحدث إليك لأروح عن نفسي بعض الشيء.» «كنت أتدرب على الرقص قليلا على الفونوغراف فحسب.» «أجل، هذا مشوق للغاية ...» بدأ يمشي بخفة هنا وهناك. «حسنا، اسمعي يا نيفادا ... علينا أن نتحدث. لا يعنيني من في غرفة نومك.» نظرت فجأة في وجهه وجلست على الأريكة بجانب البنطال. «في الحقيقة لقد عرفت منذ فترة أنك وتوني هانتر على تواصل.» ضغطت على شفتيها وضمت ساقيها. «في الواقع كل هذه الأمور والهراء حول الذهاب إلى محلل نفسي مقابل 25 دولارا أمريكيا في الساعة مسل للغاية ... ولكن في هذه اللحظة فقط قررت أن أكتفي من كل ذلك. يكفي للغاية.»

صفحة غير معروفة