سارا متكئين معا في الظلام في الشوارع المحفرة الموحلة على ضفة النهر، بين خزانات الغاز المنتفخة الضخمة، والأسوار المتهدمة، والمستودعات الطويلة ذات النوافذ المتعددة. عند إحدى النواصي أسفل مصباح من مصابيح الشارع أطلق صبي صفير استهجان عندما مرا.
اندفع داتش قائلا من جانب فمه: «سألكمك في وجهك أيها الوغد الصغير.»
همست فرانسي: «لا تجب عليه، وإلا فسنجلب إلينا العصابة بأكملها.»
تسللا عبر باب صغير في سياج طويل تعلو فوقه أكوام واهنة من الألواح الخشبية. استطاعا أن يشما رائحة النهر، وخشب الأرز، ونشارة الخشب. واستطاعا أن يسمعا صوت النهر وهو يصقل الأكوام تحت أقدامهما. جذبها داتش إليه وضغط بفمه على فمها.
صرخ صوت عليهما: «أنتما يا عزيزاي، ألا تعرفان أنه لا يمكنكما التواجد هنا بالخارج في الليل؟» أضاء الحارس فانوسا في عيونهما. «حسنا، لا تغضب، كنا نتمشى قليلا فحسب.» «تمشية.»
كانا يجران نفسيهما في الشارع مرة أخرى ورياح النهر السوداء في أسنانهما. «انتبه.» مر شرطي يصفر لنفسه بهدوء . تباعدا. «أوه يا فرانسي، سيأخذوننا إلى مستشفى المجانين إذا واصلنا فعل هذا. دعينا نذهب إلى غرفتك.» «ستطردني المالكة، هذا كل ما هنالك.» «لن أحدث أي ضوضاء ... معك مفتاحك، أليس كذلك؟ سأتسلل إلى الخارج قبل ظهور الضوء. اللعنة، إنهم يجعلوننا نشعر وكأننا ظربان.» «حسنا يا داتش، لنذهب إلى المنزل ... لم يعد يهمني ما يحدث.»
صعدا السلم الملطخ بآثار الخطى الموحلة إلى الطابق العلوي من المبنى.
قالت مهسهسة في أذنه وهي تدخل المفتاح في القفل: «اخلع حذاءك.» «لدي ثقوب في جوربي.» «هذا لا يهم أيها السخيف. سأرى إن كانت الأمور على ما يرام. غرفتي في الخلف بعيدا بعد المطبخ؛ لذا إذا كانوا جميعا في أسرتهم فلن يتمكنوا من سماعنا.»
عندما تركته كان بمقدوره أن يسمع دقات قلبه. عادت في غضون ثانية. تبعها على أطراف أصابعه في ردهة تصدر أرضيتها صوت صرير. جاء عبر الباب صوت شخير. كانت هناك رائحة ملفوف ونوم في الردهة. بمجرد دخولهما إلى غرفتها، أغلقت الباب ووضعت كرسيا أمامه أسفل المقبض. دخل إلى الغرفة من الشارع مثلث من الضوء الذي تتناثر فيه حبات الرماد. «الآن بحق المسيح ابق ساكنا يا داتش.» وهو لا يزال يحمل فردة حذاء في كل يد اقترب منها وعانقها.
استلقى بجانبها وهو يهمس بإسهاب بشفتيه أمام أذنها. «ويا فرانسي سأعمل جيدا، صدقا سأفعل؛ لقد كنت رقيبا في الخارج حتى أوقفوني لتغيبي عن الخدمة. يدل هذا على أن لدي القدرة على فعل شيء. بمجرد أن أحصل على فرصة سأجني الكثير من المال وسأعود أنا وأنت لنشاهد بلدة شاتو تييري وباريس وكل هذه الأشياء؛ ستحبينها صراحة يا فرانسي ... يا إلهي، المدن قديمة ومرحة وهادئة ومريحة وبها أضخم الحانات؛ حيث تجلسين بالخارج إلى طاولات صغيرة في ضوء الشمس وتشاهدين الناس يمرون، والطعام رائع أيضا ستحبينه على الفور، ولديهم فنادق في كل مكان يمكننا المبيت فيها ولا يهتمون إذا كنا متزوجين أم لا. ولديهم أسرة كبيرة مريحة للغاية مصنوعة من الخشب، ويحضرون لك الإفطار في السرير. يا إلهي يا فرانسي، ستحبين الأمر.» •••
صفحة غير معروفة