تحويلة مانهاتن

جورج أورويل ت. 1450 هجري
127

تحويلة مانهاتن

تصانيف

يستلقي الكابتن جيمس ميريفال حاملا وسام صليب الخدمة المتميزة وعيناه مغمضتان، بينما تدلك أصابع الحلاق السمينة ذقنه بلطف. تدغدغ الرغوة فتحتي أنفه؛ حيث يشم رائحة عطر ما بعد الحلاقة، ويسمع أزيز الهزاز الكهربائي وجز المقص.

يطنطن الحلاق في أذنه، قائلا: «تدليك وجه بسيط يا سيدي، تخلص من بعض تلك الرءوس السوداء يا سيدي.» كان الحلاق أصلع وله ذقن أزرق مستدير.

قال ميريفال متثاقلا: «حسنا، افعل كل ما تريد. هذه هي المرة الأولى التي أحصل فيها على حلاقة لائقة منذ إعلان الحرب.» «هل أتيت لتوك من الخارج أيها الكابتن؟» «نعم ... كنت أجعل العالم آمنا للديمقراطية.»

خنق الحلاق كلماته أسفل منشفة ساخنة. «هل تريد بعضا من ماء الليلك أيها الكابتن؟» «كلا، لا تضع أيا من دهاناتك اللعينة علي، فقط بعضا من غسول المشتركة أو شيء مطهر.»

كانت لفتاة العناية بالأيدي الشقراء رموش محببة باهتة اللون؛ نظرت إليه فاتنة إذ فرقت عن شفتيها الورديتين كالبراعم. «أظنك وصلت للتو من سفرك أيها الكابتن ... يا إلهي، لقد اكتسبت سمرة جميلة.» أعطاها يده فوق طاولة بيضاء صغيرة. «لقد مر وقت طويل أيها الكابتن منذ أن اعتنى أحد بهاتين اليدين.» «كيف لك أن تعرفي ذلك؟» «انظر كيف نما الجلد.» «كنا مشغولين للغاية عن أي شيء من هذا القبيل. ولكني لست مشغولا من الساعة الثامنة، هذا كل ما في الأمر.» «أوه، لا بد أن هذا كان مرعبا ...» «أوه، لقد كانت حربا صغيرة عظيمة حتى النهاية.» «سأقول إنها كانت ذلك ... وهل فرغت الآن أيها الكابتن؟» «بالطبع لا أزال في القوات الاحتياطية.»

ربتت على يده مرة أخيرة مازحة ونهض على قدميه.

وضع بقشيشا في راحة يد الحلاق الناعمة وراحة اليد الصلبة للصبي الملون الذي سلمه قبعته، وصعد ببطء الدرجات الرخامية البيضاء. بنهاية الدرج كانت هناك مرآة. توقف الكابتن جيمس ميريفال ليلقي نظرة على الكابتن جيمس ميريفال. كان شابا طويل القامة مستقيم القسمات ذا ذقن عريض نوعا ما. كان يرتدي زيا رسميا متينا وأنيقا مزينا بشارة قوس قزح، ومليئا بالأوشحة وشرائط الخدمة. انعكس ضوء المرآة فضيا على كلا لفافتي ساقيه. تنحنح وهو ينظر إلى نفسه من أعلى لأسفل. ظهر شاب في ملابس مدنية وراءه. «مرحبا يا جيمس، هل كل شيء على ما يرام؟» «بالتأكيد ... اسمع، أليست قاعدة حمقاء لعينة ألا يسمح لنا بارتداء أحزمة سام براوني؟ هذا يفسد الزي بأكمله ...» «يمكنهم أن يأخذوا كل أحزمة سام براوني الخاصة بهم ويعلقوها في مؤخرة القائد العام، لا يهمني ... أنا مدني.» «ما زلت ضابطا في القوات الاحتياطية، لا تنس ذلك.» «بوسعهم أخذ القوات الاحتياطية الخاصة بهم والدفع بها من فوق مسافة 10 آلاف ميل في المجرى. دعنا نذهب لنتناول شرابا.» «يجب أن أخرج وأرى الناس.» خرجا إلى شارع 42. «حسنا، مر وقت طويل يا جيمس، سأشرب حتى الثمالة ... فقط تخيل كونك حرا.» «مر وقت طويل يا جيري، تهذب فيما ستفعله.»

سار ميريفال غربا على طول شارع 42. كانت الأعلام لا تزال مرفوعة، تتدلى من النوافذ، وتهتز بتكاسل من الأعمدة في نسيم سبتمبر العليل. نظر إلى المتاجر وهو يمشي على طول الشارع، حيث الزهور، والجوارب النسائية، والحلوى، والقمصان وربطات العنق، والفساتين، والستائر الملونة عبر الألواح الزجاجية اللامعة، وراء سيل من الوجوه، وجوه الرجال المحلوقة بشفرات الحلاقة، ووجوه الفتيات بشفاهها الملونة بالحمرة وأنوفها التي تعلوها مساحيق التجميل. أشعره ذلك بالتورد والتحمس. تململ عندما استقل مترو الأنفاق. سمع فتاة تقول لأخرى: «انظري إلى الأشرطة لدى هذا الرجل ... إنه وسام صليب الخدمة المتميزة.» خرج إلى شارع 72 ومشى نافخا صدره في الشارع الحجري المألوف للغاية باتجاه النهر.

قال رجل المصعد: «كيف حالك يا كابتن ميريفال؟»

صاحت وهي تركض إلى بين ذراعيه: «مرحى، هل خرجت يا جيمس؟»

صفحة غير معروفة