136

تحت راية القرآن

الناشر

المكتبة العصرية-صيدا

مكان النشر

بيروت

الرأي الذي كان بعيدًا. فربما كذب الأستاذ وهو عندك صادق، أو غلط وهو عندك مصيب، أو نحل الناسَ ما لم يقولوه والنص يوهم أنهم قالوه؛ وأي ذلك قد كان فإنما له نتيجة واحدة، هي أن يقهر النص على أداء معنى لا يراد به إلا ما أراد طه؛ وما هذه بأمانة ولا هذا بصدق، فإنه يجب على كل عالم يحتج بكلام غيره أو على كلام غيره أن يورد الكلام بحروفه وإن حَذَف دل على موضع الحذف، وإن غير أو أبدل نبه إلى أنه تصرف وتعمل، وذلك واجب في العلم، ولهو في التاريخ أوجب، إذ الكلمة التاريخية حادثتها أو معناها كالاسم في الناس على مسماه: مهما بدلتَ فلا يجوز تبديله ومهما قلتَ فليس فيه إلا قول واحد إذا أردته لحقيقته. ونريد أن نبين للناس وللجامعة التي يظهر لنا أنها في غفلة مغطاة أن صنيع طه حسين في بتر النصوص وترجمتها طريقة معروفة للطاعنين في الإسلام وعلومه، سبقه إليها ابن الراوندي العالم الزنديق المشهور الذي كان يؤلف الكتب لليهود والنصارى في الطعن على المسلمين ونبيهم ﷺ وقرآنهم وأئمة دينهم وأشياخ الكلام فيهم، إذ كان من شأنه الحكايةُ للنص مبتورًا، قالوا: يُسمِّجه ويوحِشُ الناس منه، ثم ليتأتى له أن يستخرج الرأي الفاسد من كلام يظنه الناس صحيحًا متى عزاه إلى المصححين والثقات. فإياكم ثم إياكم أيها الأدباء وأيها الطلبة أن تصدقوا أستاذ الجامعة فيما يستخرجه من النصوص إلا إذا أورد هذه النصوص بعبارتها وحروفها فإنه أحيانًا مريض الذهن، وعسى من يفهم منكم ما لا يفهمه؛ وإه دائمًا مريض النية، فهو بذلك جريء جراءة من خولط في ناحية من عقله، لا يوفر إمامًا ولا يرضى رأيًا ولا يتحرج ولا يقيد نفسه إلا بما يقيده به قانون العقوبات فقط. . . وما دام يأمن (النيابة والقضاء) فما شيء أراد أن يقوله إلا قاله! وهنا معنى يحسن أن لا ندعه وأن نصل به الكلام، فإن أستاذ الجامعة رجلُ شك، ولا يمكن أن يكون رجلًا من غير شك. . . فإن لزمَنا عنده العيبُ والشتعة واتهمنا بالغفلة لأننا نصدق دلالة النصوص ونأخذ بها في التاريخ لزمه عندنا أكثر من ذلك إذا هو احتج أو استخرج منه نتيجة علمية، ولم يكن له شيء من الحجة إلا كان لنا عليه أضعافه، إذ ما يدريك يا أستاذ الشك أن هذا النص الذي تحتج به وتسوقه لما تريد ليس من النصوص المكذوبة أو المشكوك فيها. وكيف تقطع على صحته ولعله أقواها وأضعفها صدقًا؟ وما كنت أنت من أبناء الدهر الأول فتشهد عليه شهادة العدل، ولا الذي رواه أبوك أو أخوك أو

1 / 140