عند ذاك سأله أحدهم: هل سيادتك ...
ولكنه قاطعه بإشارة عدائية وحاسمة؛ فازدرد الرجل بقية سؤاله وسكت، ولكن آخر استمد من توتر أعصابه شجاعة فسأله: حضرتك المخرج؟
لم يلتفت إليه، وواصل مراقبته؛ وإذا برأس آدمي يتدحرج نحو المحطة فيستقر على بعد أذرع منها، والدماء تتفجر من مقطع العنق بغزارة. صرخ الرجال فزعا، أما الرجل فحدق بالرأس مليا، ثم غمغم: برافو .. برافو!
وصاح به رجل: ولكنه رأس حقيقي ودم حقيقي.
فوجه الرجل منظاره نحو رجل وامرأة يمارسان الحب، ثم هتف نافد الصبر: غير الوضع .. حذار من الملل!
ولكن الآخر صاح به: ولكنه رأس حقيقي، فمن فضلك فهمنا!
وآخر قال: كلمة واحدة منك تكفي لنعرف من أنت ومن هؤلاء.
وثالث قال بتوسل: لا شيء يمنعك من الكلام!
ورابع تضرع قائلا: يا أستاذ لا تضن علينا براحة البال.
ولكن الأستاذ تراجع في قفزة مباغتة، كأنما كان يداري نفسه خلفهم، ذاب الصلف في نظرة مترقبة، وتوارت نفخته، كأنما طعن به السن أو تردى في مرض. رأى المتجمعون تحت المحطة نفرا من الرجال ذوي هيئة رسمية يتجولون غير بعيد من المحطة كأنهم كلاب تشمم. واندفع الرجل راكضا مجنونا تحت المطر، انتبه إليه رجل من المتجولين فاندفع أيضا صوبه يتبعه الآخرون كعاصفة. وسرعان ما اختفوا جميعا عن الأنظار مخلفين الطريق للقتل والحب والرقص والمطر. - يا ألطاف الله! لم يكن المخرج كما توهمنا! - من يكون؟! - لعله لص. - أو مجنون هارب! - أو لعله ومطارديه ضمن المنظر السينمائي. - هذه أحداث حقيقية لا علاقة لها بالتمثيل. - ولكن التمثيل هو الفرض الوحيد الذي يجعلها معقولة على نحو ما. - لا داعي لاختلاق الفروض. - فما تفسيرك لها؟ - هي حقيقة بصرف النظر ... - كيف أمكن أن تقع؟ - هي واقعة. - يجب أن نذهب بأي ثمن. - سندعى للشهادة عند التحقيق. - ثمة أمل باق.
صفحة غير معروفة