باب ذكر من لا تحل له الصدقة
الذين لا تحل لهم الصدقة صنفان: فصنف تحرم عليهم لأنسابهم/84/، وصنف تحرم عليهم لأحوالهم.
فالصنف الأول: هم آل رسول الله صلى الله عليه، وهم آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس بن عبد المطلب، وكذلك آل الحارث بن عبد المطلب؛ لأنهم يجرون مجرى آل العباس في الإنتساب إلى بني هاشم، وإنما اقتصر يحيى على ذكر البطون الأربعة (1) لأن جل بني هاشم وجمهورهم هؤلاء، وقد نبه بذكرهم على من لم يذكره منهم، فهؤلاء لا تحل لهم الصدقة على وجه من الوجوه لاختصاصهم بهذا النسب، ومن اضطر منهم إلى تناولها؛ وكان تناول الميتة يضره، فإنه يتناول منها على سبيل الإستقراض، ويرد ذلك متى أمكنه، وقد روى أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي رافع: (( لا تحل الصدقة لآل محمد؛ ومولى القوم منهم )) (2).
فأما الصنف الآخر وهم الذين لا تحل لهم الصدقة لأحوالهم: فمنهم من لا تحل له لحال هو عليها، فإذا فارقها حلت له، نحو أن يكون على دين باطل أو فسق، أو يكون مالكا للقدر الذي تجب فيه الزكاة. ومنهم من لا تحل له لحال هو عليها من جهة، وتحل له من جهة أخرى، نحو من يلزم الغير نفقته، فإن ذلك الغير لا يحل له إخراج زكاته إليه، ولا يجوز له أخذها منه، ويحل له أخذ الزكاة من غيره.
قال القاسم عليه السلام في (مسائل النيروسي): لا يجوز أن يعطى الزكاة مشركا، ولا مبديا لتشبيه الله بخلقه. وقال محمد بن يحيى في (الإيضاح): لا يعطى العشر فاسق ذو كبيرة وإن كان فقيرا. وقال في (مسائل العوقي): من كان يعطي زكاته المنافقين والسفهاء ثم تاب فإنه يكون ضامنا لها.
وقال يحيى عليه السلام: لا يجوز أن يعطي الرجل زكاته أباه ولا أمه ولا ولده ولا زوجته ولا أحدا من أقاربه الذين تلزمه نفقتهم، فأما ذووا أرحامه وأقاربه الذين لا يلزمه نفقتهم، فإنه يعطيهم وهم أحق بها من الأجانب.
صفحة ١٦٢