378

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

محقق

الدكتور حفني محمد شرف

الناشر

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

مكان النشر

لجنة إحياء التراث الإسلامي

وهو يريد إذا ارتاعت فلبست خلخالها في معصمها، أو ذهلت للخوف عن تخفرها، معلوم أنه غير لفظ المعنى الخاص، وهذا بالإشارة أولى، فإن شئت جعلته من شواهد الإشارة، ومن شواهد الاتساع، أو منهما، ثم ذكر أعني الحاتمي بيتي لبيد، وهما " رمل ":
وبنو الديان أعداء للا ... وعلى ألسنهم ذلت نعم
زينت أحسابهم أنسابهم ... وكذاك الحلم زين للكرم
ولفظ البيت الأول لفظ الأرداف، فلا يصلح أن يكون من شواهد الإيجاز، لأنه أراد أن يقول: بنو الديان أجواد، فعدل عن هذا اللفظ إلى لفظ هو ردفه، وهو ذكر معاداتهم للا ليبالغ في وصفهم بالجود، والبيت الثاني جاء بلفظ الإشارة، إذ التزيين يكون بضروب من المحاسن، فإن قيل: إذا كان المجاز نوعًا من الإيجاز جاز أن يسمى كل صنف من ذلك النوع إيجازًا.
قلت للتسميات علامات تعرف بها المسميات، ومن سمى النوع باسم الجنس فهو غير معرف لذلك النوع، فإنك لو قلت في حد الإنسان: هو حيوان، من غير ذكر الفصل لكنت غير معرف لحقيقته، لكونك لم تأت إلا بالقدر القدر المميز، ولما كان من الإيجاز ما يدل على المعنى بلفظ المعنى بلفظ الموضوع له، ومنه ما يدل على المعنى بلفظ هو ردف لفظه

1 / 463