158

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

محقق

الدكتور حفني محمد شرف

الناشر

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

مكان النشر

لجنة إحياء التراث الإسلامي

الماء أبدًا، فصار ذلك تتميمين، ثم قال بعد ذلك واهيتا الكلى أي كلاهما مخروقتان، ثم أوغل بقوله: سقى بهما ساق ولما تبللا فإن المزادة إذا ابتلت تمدد أديمها، وانتفخت سيورها، وانسد أكثر بثوقها، وإذا كانت يابسة عدمت ذلك كله، فكانت للماء أضيع منها وهي مبتلة، ثم في مجموع البيتين بعد ذلك تفريع حسن، وستعلم حقيقة التفريع في بابه، فتقدر ما وقع في هذين البيتين منه قدره. ومن أعجب إيغال وقع في الشعر قول عبد الله بن الزبير الأسدي طويل: هما خطتا خسف نجاؤك منهما ... ركوبك حوليًا من الثلج أشهبا فإن هذا البيت وقع فيه الاستعارة، والتورية، والترشيح، والإيغال. لاحتياج المسافر للركوب، والتورية في قوله حوليًا ولو لم يرشح بلفظه الركوب لما حصلت التورية في لفظ حولي، ورشح بمجموع الاستعارة والتورية للإيغال، إذ لو لم يذكر الركوب والحولي، لما حسن أن يقول: أشهبا وقد وقع من الإيغال في الكتاب العزيز قوله تعالى: " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا " ثم احتاج الكلام إلى فاصلة تناسب القرينة الأولى، فلما أتى بها أفاد مجيئها معنى زائدًا.

1 / 240