215

تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل

محقق

مصطفى باحو

الناشر

دار الإمام مالك

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

مكان النشر

أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة

تصانيف

الفقه
فصل
وقول كل واحد من الأنبياء في حديث أنس: (لست لها) أي الشفاعة الكبرى إنما معناه لست لها لأجل الخطايا التي يذكرونها لأنفسهم حسبما ثبتت في حديث غير أنس، وعلى الحقيقة فهم يهابون ذلك المقام، ويعلمون أن الشفاعة فيه تحتاج إلى إذن: ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] فهم أعرف بالله من أن يقدموا عليه بغير إذن، لاسيما في ذلك اليوم الذي يقولون فيه: «إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب مثله بعده» (١).
ولا يبعد أن يقذف في نفوسهم أن المانع لهم تلك الخطايا التي ألموا بها في الدنيا فيذكرونها حينئذ، والمانع لهم على الحقيقة أن ذلك لم يجعل لهم، وإنما خص به محمد ﷺ، ولذلك يقول: أنا لها، معناه: أنا المستحق لها من بني آدم المأذون له في أمرها، إذ أعلمه الله تعالى بذلك في الدنيا، وفي الآخرة يتبين صدق قوله عند من لا يؤمن به. (ق.٤٢.أ)
فإن شفاعة نبينا محمد ﵇ لابد من وقوعها يوم القيامة على نحو ما جاءت به الأحاديث من التفسير لها.

(١) هو طرف من حديث الشفاعة، وقد خرجه باللفظ الذي ساقه المصنف: البخاري (٣١٦٢ - ٤٤٣٥) ومسلم (١٩٤) والترمذي (٢٤٣٤) وأحمد (٢/ ٤٣٥) وابن حبان (٦٤٦٥) وأبو عوانة (٤٣٧ - ٤٣٨) وابن أبي شيبة (٧/ ٤١٥) عن أبي هريرة.

1 / 215