تحريم نكاح المتعة
محقق
حماد بن محمد الأنصاري
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
تصانيف
الحديث
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا غَلَطٌ قَبِيحٌ، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁، مَعَ عِلْمِهِ، وَزُهْدِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ مَا أَحَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَا أُحَرِّمُهُ، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ، أَنَّهُ يَقْفُو فِيهَا أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَيَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يُدَّعَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَيُعَاقِبُ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ سُنَّتِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا، وَالْأَخْذِ بِهَا، وَالْمَنْعِ مِنْ تَعَدِّيهَا، وَمُجَاوَزَتِهَا، وَلَوْ رَامَ تَحْرِيمَ مَا أَحلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لَمْ يُقِرَّهُ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ، وَلَا اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ فِيهِ، كَمَا اعْتَرَضُوا فِيمَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَفُّ، فَبَطَلَ الدَّلِيلُ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ ﵁ بِذَلِكَ، أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَنُسِخَتِ الْإِبَاحَةُ، وَحُرِّمَتْ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ ﷺ بِمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنَّ مَنِ اسْتَحَلَّهَا وَفَعَلَهَا بَعْدَ مَا حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَسَخَهَا، عَاقَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ» وَهَذَا وَاضِحٌ، لَا لَبْسَ فِيهِ، وَلِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ، أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ مُتْعَةَ الْحَجِّ مَنْسُوخَةٌ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلرَّكْبِ الَّذِي كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَإِنَهُ أَمَرَهُمْ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، فَعَسَاهُ أَنْ
1 / 107