فأي موضع أرفع للتقليد من هذا؟
فما بال كثير /١ من الناس يقلدون في حظوظ أنفسهم من بيع، وشراء، ونكاح٢، وغير ذلك، ولا يقلدون الإمام أحمد في مثل هذه المسألة؟
والعجب كل العجب٣ من حنفي أو مالكي، لا يقول مذهبه بالحرمة، كيف يصبح مفطرًا في مثل ذلك٤ اليوم؟
وقد تحامل بعض المتعصبين ممن لا ينبغي ذكره -سامحه الله تعالى- ورد على الحنابلة، وأظهر٥ في هذه المسألة تعصبًا زائدًا في الحد، وتكلم فيها بكلام المتشفي من عدوه، وصار يقول: خالف تعرف، وقبح قول من قال بصوم يوم الشك، كأنه ما قال له إلا٦ الإمام أحمد وحده٧.
وأنت قد علمت مما مر أنه مذهب جماعة من أكابر الصحابة والتابعين، مع أنه لو لم يقل به٨ إلا الإمام أحمد وحده، لكان في ذلك كفاية للمقلد:
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام٩
هذا والحنفية والمالكية قد قالوا بجواز صوم يوم الشك تطوعًا من غير
_________
١ نهاية ل ٥ من (س) .
٢ في (س): ناكاح. كذا.
٣ كل العجب. أسقطت من (ك) .
٤ في (ك): هذا، بدل: ذلك.
٥ وأظهر. أسقطت من (س) .
٦ في (ك): ما قال به الإمام وحده.
٧ لعل المصنف يقصد الخطيب البغدادي، الذي رد على الحنابلة في هذه المسألة، وشنع عليهم فيها، وهو المعروف بتعصبه على الحنابلة، والتشنيع عليهم.
وانظر: تاريخ بغداد ١٠/٤٧١، المجموع ٦/٤٠٨.
(به) . أسقطت من (ك) .
٩ هذا البيت قاله: ديسم بن طارق، وقيل لجيم بن صعب، وحذام: هي: بنت الريان، جاهلية يمانية، وقيل غير ذلك، ويضرب بها المثل في صدق الخبر.
وهذا البيت قد جرى مجرى المثل، وصار يضرب بكل من يعتد بكلامه ويتمسك بمقاله ولا يلتفت إلى ما يقول غيره.
وانظر قصة هذا المثل في: الفاخر ١٤٥-١٤٦، الأعلام ٢/١٧١.
1 / 71