تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
الناشر
مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
وكان ﷺ يدل الصحابة على الوسائل المعينة على تفُّهم القرآن والتأثر به ومن ذلك قوله ﷺ في بيان أهمية القراءة بصوت حزين: «أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله» (١).
- وقوله ﷺ عن فضل التسوك قبل القراءة: «إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك، فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه، ولا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك» (٢).
- ولبيان ضرورة الفهم مع القراءة قال ﷺ: «إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فلينصرف، فليضطجع» (٣).
* وللتذكير بأهمية القراءة في المصحف قال ﷺ: «من سرَّه أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف» (٤).
وكان ﷺ دائم التذكير للصحابة على ضرورة تهيئة الأجواء المناسبة المعينة على التركيز والفهم، ومن ذلك ما رواه أبو داود عن أبي سعيد ﵁ قال: اعتكف رسول الله ﷺ في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: «ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة» (٥).
- وكان ﷺ دائم النصح لأصحابه - ولأمته من بعده - بدوام قراءة القرآن وتعاهده حتى يستمر إمداد القلب بالمعاني الإيمانية فتتم التذكرة والتبصرة، ويزداد القرب والوصال، وكان يحفزهم على الإقبال على القرآن بتذكيرهم بالأجر العظيم المترتب على تلاوته، وفي نفس الوقت كان يحذرهم من تركه وعدم المداومة على قراءته حتى لا تتفلت معانيه من العقل والقلب .. ومن ذلك قوله ﷺ:
«اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلو فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به» (٦).
وقوله: «اقرؤوا القرآن؛ فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول (آلم، حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر، فتلك ثلاثون» (٧).
«تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من قلوب الرجال من الإبل من عُقلها» (٨).
متابعته ﷺ لأصحابه:
كان ﷺ يتابع أصحابه في أمر القرآن ومدى تعاهدهم له، وكان حريصا على ألا يمر عليهم يوم دون أن يقرأوا القرآن، تأمل معي قوله ﷺ: «من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتب له كأنما قرأه من الليل» (٩).
وذكر عنده أحد أصحابه فقال: «ذلك رجل لا يتوسد القرآن» (١٠) ومعنى لا يتوسد القرآن أي يقوم به الليل ولا ينام عنه.
وقال يوما لأصحابه: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار» (١١).
_________
(١) صحيح الجامع الصغير (١٩٤).
(٢) السلسلة الصحيحة (١٢١٣).
(٣) صحيح الجامع الصغير (٧١٧).
(٤) صحيح الجامع الصغير (٦٢٨٩).
(٥) صحيح الجامع الصغير (٢٦٣٩).
(٦) صحيح الجامع الصغير (١١٦٨).
(٧) صحيح الجامع الصغير (١١٦٤).
(٨) صحيح الجامع الصغير (٢٩٥٦).
(٩) رواه مسلم (٧٤٧).
(١٠) رواه ابن المبارك في الزهد، وأحمد، والنسائي.
(١١) رواه البخاري، ومسلم.
1 / 39