139

مسألة في الأرزاق

الرزق ماله أن ينتفع به وليس لأحد منعه، ولا يكون إلا حلالا، والحرام لا يكون رزقا.

وعند المجبرة: كل ما أكله فهو رزق له وإن كان حراما.

فيقال لهم: إذا غصب إنسان شيئا وأكله أهو رزقه جعله الله له رزقا؟.

فإن قالوا: نعم.

قلنا: فكيف عذبه على شيء جعله رزقا له؟.

ويقال: إذا كان للإنسان ملك غصبه غاصب وأكله ولم يأكل المغصوب منه، أليس هو عندكم رزقا للغاصب؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فلم يضمن ما هو رزق له؟ أليس لو أكل ملك نفسه لا يضمن كذلك رزق نفسه؟.

ويقال: هل للمغصوب منه أن يمنع الغاصب من غصبه ماله أم لا؟.

فإن قال: لا، كابر ودفع العقل والشرع، فقد ورد الشرع بأن من قتل دون ماله شهيد، وإن قال: نعم.

قلنا: فكيف جعله رزقا له ثم أمر غيره بمنعه منه.

ويقال: أليس ما سرقه السارق وأكله رزقا له؟.

فإن قالوا: بلى.

قلنا: أليس أمر بقطع يده أو رجله ، وفي قاطع الطريق يقطعهما، فلا بد من: بلى، فيقال: هذا فعل الحكيم أن يجعل شيئا رزق إنسان فإذا أكل ما جعله رزقا له أمر بقطع يده ويقول لم أكلت ما جعلته رزقا لك؟!.

ويقال: المنفق للحرام محمود أم مذموم؟.

فإن قالوا: محمود كابروا، وإن قالوا: مذموم.

قلنا: أليس الله مدح على إنفاق الرزق في مواضع من كتابه وأمر بالإنفاق فما هو محمود عليه غير ما هو مذموم عليه.

ويقال لهم: ما الرزق؟.

فإن قالوا: ما نأكله.

قلنا: فكيف ينفق ما يأكله، وقد قال تعالى: ?وأنفقوا من ما رزقناكم?[المنافقون:10]، ?ومما رزقناهم ينفقون?[البقرة:3].

ويقال: ما تقولون فيمن أطعم خمرا أو شيئا حراما أليس قد أعطاه رزقه عندكم؟ فلا بد من: بلى، فيقال: كل واحد منهما محمود أو مذموم؟

صفحة ١٦٣