تحكيم العقول في تصحيح الأصول
تصانيف
قلنا: هذا لا يعقل، مذكوران معلومان لا يكون أحدهما هو الآخر ولا غيره ولا بعضه هذا لا يتصور، وبعد فقد ناقضتم إذا قلتم: لا هو هو أثبتم الغيرية، فلما قلتم: ولا غيره ناقضتم الأول.
ويقال: أليس قال تعالى لموسى: ?فاخلع نعليك?[طه:12]، و?اذهب إلى فرعون?[طه:24]، فمن المخاطب به لم يزل وليس ثم موسى ولا فرعون ولا نعلين؟ وهل هذا إلا غاية النقص.
ويقال لهم: كيف قال: ?كذبت قوم نوح?[الشعراء:105] وأمثاله وبعد لم يخلقوا ولم يكونوا ولم يستفد به أحد شيئا.
ويقال لهم: أليس قال تعالى: ?قرآنا عربيا?،[يوسف:2وغيرها] ? كتاب فصلت آياته [قرآنا عربيا]?[فصلت:3]، وقال: ?في لوح محفوظ?[البروج:22]، وقال: ?إنا نحن نزلنا الذكر?[الحجر:9]، ?وقرآنا فرقناه?[الإسراء:106]، وكل ذلك لا يجوز وصف القديم به ويدل على حدوثه.
ويقال: أليس القرآن من جنس كلامنا أم لا؟ فإن قالوا: لا، فما الدليل على أنه متكلم وإنما يعلم في الشاهد أنه متكلم إذا تكلم بجنس كلامنا وأنه بلغة العرب، فإما أن يقولوا: ما نتلوه ليس بكلام الله فيخرجوا من الملة، أو يقولوا: إنه كلامه فكيف يكون قديما؟ ولو جاز ذلك لجاز أن يكون جسما قديما وإن كانت الأجسام محدثة.
ويقال لهم: أليس هو تعالى قادر على أن يتكلم ويقول مثل القرآن أم لا؟ فإن قالوا: لا، قلنا: فقد وصفتموه بالعجز، وكيف يصح وصف القديم بالعجز، ولأن الواحد منا يقدر على الكلام فكيف قلت: إنه تعالى لا يقدر عليه، وإن قال: نعم، أثبت الكلام مقدورا، وذلك يوجب حدوثه.
صفحة ١٤٧