تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
67

تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

الحديث
وقال عفان: كان همّام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يُخالَف فلا يرجع إلى كتابه، وكان يكره ذلك. قال: ثم رجع بعدُ فنظر في كتبه، فقال: يا عفان كنا نخطئ كثيرًا، فنستغفر الله ﷿ (^١). ولا ريب أنه ثقة صدوق، ولكنه قد خولف في هذا الحديث، فلعلَّه مما حدَّث به من حفظه فغلط فيه، كما قال أبو داود والنسائي والدارقطني (^٢). وكذلك ذكر البيهقي (^٣) أن المشهور عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس: "أن النبيّ ﷺ اتخذ خاتمًا من وَرِق، ثم ألقاه". وعلى هذا فالحديث شاذّ أو منكر، كما قال أبو داود، وغريب كما قال الترمذي. فإن قيل: فغاية ما ذُكِر في تعليله تفرّد همّام به. وجواب هذا من وجهين: أحدهما: أن همامًا لم ينفرد به، كما تقدم. الثاني: أن همّامًا ثقة، وتفرُّد الثقة لا يوجب نكارة الحديث، فقد تفرَّد عبد الله بن دينار بحديث النهي عن بيع الوَلاء وهِبَتهِ (^٤). وتفرّد مالك بحديث دخول النبي ﷺ مكة وعلى رأسه المِغْفر (^٥). فهذا غايته أن يكون غريبًا كما قال الترمذي، وأما أن يكون منكرًا أو شاذًّا فلا.

(^١) انظر قول يزيد وعفان في "الضعفاء": (٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨) للعقيلي. (^٢) انظر "سنن أبي داود" (١٩)، و"السنن الكبرى" (٩٤٧٠) للنسائي، و"العلل": (٢٥٨٦) للدارقطني. (^٣) "الكبرى": (١/ ٩٥). (^٤) أخرجه البخاري (٢٥٣٥)، ومسلم (١٥٠٦). (^٥) أخرجه البخاري (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧).

1 / 16