ثالثا : قيض الله للقرآن من يخدمه ويعتني به، فمنهم علماء الشريعة الذين اعتنوا بجانب الفقه والعبادات الواردة فيه، ومنهم علماء اللغة وأهل النحو الذين اعتنوا بالقرآن كلغة، فأخذوا جانب الصرف والأصوات والبلاغة والتركيب والمفردات، مما أنتج دراسات للعربية ساهمت في المحافظة عليها حتى يومنا هذا، وإن الأرض وخاصة العربية، لا ولن تضن يوما بالعلماء الذين يلتقفون الراية خلفا عن سلف، ويحاول كل جيل أن يضع بصمته، ويضيف جهده، لتمضي المسيرة.
وقد برزت عناية هؤلاء العلماء بهذه اللغة في مؤلفاتهم الكثيرة والضخمة التي تناولوها بالشرح والتبيين، وبذلك تكونت في الأمة مكتبات عظيمة تضم هذه المؤلفات.
ومن المعلوم أن إبراز هذه المؤلفات للأجيال المتوالية، تحتاج إلى نوع من العناية والترتيب قبل إخراجها من عالم المخطوطات، إلى عالم المطبوعات، ومع كثرة ما طبع من هذه المخطوطات إلا أن أعدادا كبيرة في محطة الانتظار، تنتظر من ينفض عنها غبار الزمان والمكان، وهذا الحمل يقع على عاتق شباب هذه الأمة، وخاصة الدارسين المتخصصين، ليقوموا بهذا الدور العظيم.
ومن هذا المنطلق اخترت أن يكون بحث تخرجي من هذا المعهد - معهد العلوم الشرعية - تحقيق مخطوط من تراثنا العلمي المجيد، وقد وقع اختياري لمخطوط يتناول جانب النحو في اللغة العربية، لعالم بارز من علماء القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، هو العلامة: ناصر بن أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي - رحمهما الله تعالى -.
وهذا الكتاب عبارة عن شرح لمنظومة رجزها المؤلف - رحمه الله - على كتاب «العوامل المائة» لمؤلفه الشيخ العلامة عبد القاهر الجرجاني، فكان شرحا لطيفا يسيرا سهل العبارة، قصير الجملة ، بسيط التركيب، وضع خصيصا للمبتدئ الضعيف، فكان كما أراد .
صفحة ٢