24

تحرير علوم الحديث

الناشر

مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وذلك أني وجدتهم يعنون بتلك العبارة: يسنده إلى من فوقه، وذلك أحد رواة الخبر. مثل: ما حدث به موسى بن مسلم الحِزامي، قال سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: " من ترك الحيَّات مخافة طلبهن فليس منا، ما سالمنا هن منذ حاربناهنَّ " (١). فإن قلت: إنما تبين أن قوله: (يرفع الحديث) ليس عن النبي ﷺ، بقرينة ذكر ابن عباس، فإن خلا من القرينة، فينبغي أن يكون له حكم المرسل. قلت: لما استخدموا العبارة المذكورة في مجرد الارتقاء بإسناد الخبر إلى درجة أعلى في الإسناد، وصحَّ أن تكون تلك الدرجة هي الصحابي هنا، مع عدم وجود تنصيص منهم يُفسر مرادهم ويحصره فيما عرفناه بالاصطلاح في معنى المرفوع، فإن احتمال إرادة كونه عن أي قائل أو غافل فوق الراوي قائل تلك العبارة ودون النبي ﷺ: احتمال قوي. إلا أن نقف على ذلك الخبر من وجه معتبر مرفوعًا صراحة من قبل الراوي إلى النبي ﷺ. وليس من هذا قول أهل العلم المتأخرين اختصارًا في نقل الأحاديث من كتب الرواية (مرفوعًا) مثلًا، فإنا قد علمنا أنه عن النبي ﷺ في سياقه في مصدره من كتب الحديث المسندة، وإن كان تحاشي ذلك خاصة في الأحاديث الثابتة أولى، كما تقدم التنبيه عليه. المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال) دون ذكر النبي ﷺ، هل هو مرفوع؟ هذه صورة نادرة الورود في روايات الحديث.

(١) أخرجه أبو داود في " سننه " (رقم: ٥٢٥٠) وإسنادُه جيد.

1 / 29